المجاز أو الكناية.
قيل: وليس من الأمر بنفس المعنى المذكور، وإلا فإن الله تعالى لا يأمر بالفسق والعصيان، وإنما يأمر بالعدل والإحسان، وايتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.
وقيل: يصح الأمر بالمعنى المذكور هنا لكن باعتبار معنى الأمر الحتمي لا العزمي بحسب اقتضاء القابليات، واستعداد الماهيات، أو المراد من الأمر عدم النهي على سبيل العزم والقهر، وذلك بتخلية السبيل التي تسمى بالخذلان المقابل للتوفيق، فإن اطلاق الأمر على مثله مشهور، وان السفيه إذا لم ينه مأمور، أو المراد تهيئة الأسباب المؤدية إلى الفسق لكن لا قهرا وجبرا بل بسوء اختيارهم، أو المراد انا أمرناهم بالطاعة فترتب عليه انهم فسقوا، ونحو ذلك.
قال في النهاية: وفي حديث أبي سفيان: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة أي كثر أو ارتفع شأنه، يعني النبي (صلى الله عليه وآله)، إنتهى (1). وفي خبر آخر منه: لقد عظم ملك ابن أبي كبشة.
وكان المشركون ينسبون النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أبي كبشة، وكان أبو كبشة رجلا من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان وعبد الشعرى، فلما خالفهم النبي (صلى الله عليه وآله) في عبادة الأوثان شبهوه به.
وقيل: هو نسبة إلى جد النبي (صلى الله عليه وآله) لامه أي هو كنية جده لامه وهب بن عبد مناف، فأرادوا انه (صلى الله عليه وآله) نزع إليه في الشبه والصورة، وقيل: أبو كبشة كنية زوج مرضعته حليمة السعدية، أو كنية أخي زوجها.
وبالجملة فكانوا يطلقون على النبي (صلى الله عليه وآله) ابن أبي كبشة، وربما كانوا يقولون ابن كبشة مرخما من ابن أبي كبشة، أو مرادا بكبشة جده عبد المطلب لكونه رئيس القوم في مكة، وكان له عظمة ونباهة وهيبة وجلالة.