وفي بعض النسخ: (بمآل الأمور) بمعنى المرجع أي كان الله يعلم ما يرجع إليه أمور الخلق من الإنحراف عن الجادة المستقيمة، وسلوك طريق الغواية والضلالة، فسماه على نحو ما مرت إليه الإشارة ليكون مرجعا للأمة بل جميع الخليقة في أمورهم الدنيوية والأخروية، وقرئ بمائل الأمور جمع المآل بمعنى عواقبها، وهو أيضا راجع إلى السابق إلا ان فيه إشارة إلى أن لكل أمر مرجعا بخصوصه بملاحظة حال نفسه، فيتعدد المرجع بتعدد الأمر.
و (الأمور) جمع الأمر، والأمر في اللغة يستعمل اسما ومصدرا، أما الأمر الاسمي وهو المراد هنا فيستعمل بمعنى الفعل والحال والشأن ونحو ذلك، مثل قوله (عليه السلام): (إن أمرنا صعب مستصعب) (١) أي شأننا، وقال تعالى: ﴿وما أمرنا إلا واحدة﴾ (2) أي فعلنا، وقولهم: أمورهم مشوشة أي حالاتهم، ويجمع هذا على أمور.
وأما الأمر المصدري فهو بمعنى الطلب الحتمي المفيد للوجوب، يقال: أمرته بكذا أي طلبته منه طلبا حتميا، فأنا آمر وذاك مأمور، ومدخول الباء مأمور به، وهو في العرف بمعنى طلب فعل بالقول أو مطلقا من العالي أو المستعلي أو العالي المستعلي، ويطلق الأمر على نفس ذلك القول.
وفي الاصطلاح اسم لهيئة افعل وما ضاهاه، ويجمع الأمر في تلك المعاني الأخيرة على أوامر، وهو ليس بصحيح من حيث القياس، إذ القياس في جمع فعل الصحيح الوسط فعول وأفعل كفلس وفلوس وأفلس، وانما الفواعل جمع فاعلة وفاعل إذا لم يكن وصفا للمذكر العاقل، فقيل حينئذ في وجه جمعه على كذا انه جمع كذا على غير قياس، فرقا بينه وبين الأمر بمعنى الفعل ونحوه.
قيل: إن الأمر بمعنى الامرة لأن الامرة أيضا كالأمر مصدر، كما ذكروا في كتب اللغة، كالعافية والكاذبة والباقية ونحوها على وجه، فجمع الأمر جمع الامرة