وقد يقال العزيمة لنفس السورة، والعزيمة في الأصل هنا كانت أولا اسما لنفس السجدة الواجبة بقراءة آيتها، ثم أطلقت على الآية بعلاقة المسببية والسببية، ثم استعملت من الآية بعد غلبتها فيها في تمام السورة بعلاقة الجزئية والكلية.
وقد تكون العزيمة مصدرا بمعنى العزم - كما أشير إليه فيما مر - على وزن مهيلة، فإن نحو ذلك وارد في أوزان المصدر أيضا، والمعنى المصدري هو المراد منها في الخطبة.
والمراد من الحكم هنا هو المعنى المصدري أيضا، أو اسم المصدر أو المحكوم به، ومعنى الحكم هو القضاء وأصله المنع على ما ذكر في المصباح (١)، يقال: حكمت عليه بكذا إذا منعته من خلافه، فلم يقدر على الخروج من ذلك، وحكمت بين القوم فصلت بينهم.
والمراد من حكم الله هنا ما حكم به من أمر السعادة، والشقاوة، والهداية، والضلالة، والدنيا، والآخرة ونحو ذلك ولو بحسب الاستعدادات الجبلية، والقابليات الأصلية.
والإنفاذ: أفعال من نفذ السهم من الرمية إذا خرقها وخرج منها إلى ورائها، ونفذت الكتاب إلى فلان وأنفذته أي أرسلته إليه، والتنفيذ مثله، ورجل نافذ في أمره أي ماض جار، وأمره نافذ أي مطاع.
قال تعالى: ﴿يا معشر الجن والإنس ان استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان﴾ (2).
المعنى: أيها الثقلان إن استطعتم أن تهربوا من قضائي، وتخرجوا من أرضي وسمائي، فاهربوا وافعلوا، ثم قال: لا تقدرون على النفاذ من نواحيها وأقطارها إلا بسلطان أي بقهر وقوة وغلبة، وأنى لكم ذلك، وبالجملة المراد من الإنفاذ هنا