الجنة والنار؟ قلت: بلى، قال: فقيل له أبو القاسم، لأنه أبو قاسم الجنة والنار (1)، إنتهى.
فعلي (عليه السلام) قاسم الجنة والنار من جهة تميز المؤمن وغيره بحبه وبغضه، وإيجاب حبه دخول الجنة وبغضه دخول النار، وكونه بابا باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، وكونه نعمة للأبرار ونقمة على الفجار، قسيم الجنة والنار، بل كون رضوان ومالك خازنهما صادرين عن أمره (عليه السلام) بأمر القادر المختار فيما يأمره علي (عليه السلام) في خصوص الأبرار والفجار، كما نطق به الأخبار، فهو (عليه السلام) قاسم والنبي (صلى الله عليه وآله) أبوه في التربية والتقوية، فيكون (صلى الله عليه وآله) أبا القاسم بهذا المعنى لتلك النكتة.
فإذا كان نحو هذا الاعتبار واردا في الأخبار، فيمكن إعتبار مثله أيضا في المرحلة، بأن يقال: إن الام في اصطلاح أهل الحكمة يطلق على ما يكون مظهر للشيء ومنشأ له، أو له جهة تقوية وتربية ولو بالنسبة، أو يكون محل تفاصيل الأمور في الجملة، ولذا كان علي (عليه السلام) أم الأمة على تقدير التثنية في (أبوا هذه الأمة) مع البناء على التغليب كما هو الظاهر على معنى أنا أبو الأمة وعلي أم الأمة.
والأسطقسات أي العناصر الأربعة أمهات المواليد الثلاثة، فهي أمهات سفلية كما أن الأفلاك آباء علوية، وكذا كان الماهية أم الوجود لكونها مظهره ومتعلقه، إلى غير ذلك.
ولما كانت فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الدائرة العليا مظهر آثار تلك الأنوار العالية، ومحل تفاصيل الآثار العلوية، صارت اما بالنسبة إليها في هذه الدورة، لأن أول ما خلق الله هو الحقيقة المحمدية، كما تقرر في الأخبار المروية، وهي مظهر الفيوضات الإلهية بالذات لا بالواسطة، ثم علي (عليه السلام) بوساطة الحقيقة المحمدية، ثم الأئمة (عليهم السلام) بوساطة الحقيقة العلوية،