معصوميتها (عليها السلام) بملاحظة خصوص معنى فطمها عن الشر أيضا، إذ لا خير في المعصية كما لا معصية في الخير، كما لا خير في الخباثة الحالية والرذالة الخلقية بل كلها شر لا محالة.
تنبيه: بقي هنا شئ وهو ان معنى الفطم يستلزم ثبوت المفطوم عنه في المفطوم، بل رسوخه حتى يفطم عنه بشئ آخر يجعل بدله، واعتبار هذا المعنى يستلزم عدم المعصومية في الحالة السابقة.
ووجه دفع الاشكال على نحو الاجمال، ان معنى الفطم وإن كان كذلك في أصل اللغة الا انه يستعمل كثيرا - ولو من جهة القرائن الخارجية - فيما كان ثبوت هذا المعنى فيه بالشأن والقوة لا بالفعل، ولما كانت فاطمة (عليها السلام) من جملة أفراد الممكنات، وماهية الممكن من حيث هي من شأنها الظلمة وصدور المعصية مثلا، كما قيل:
سيه روئى ز ممكن در دو عالم * جدا هرگز نشد والله أعلم فصح اطلاق الفطم حينئذ بالنظر إلى هذه الصفة اللازمة الإمكانية، فبعد ملاحظة ثبوت الفطم في المرتبة الثانية يثبت معصوميتها الأصلية وطهارتها الجبلية، فينتفي عنها الكدورات الإمكانية، والشوائب الكونية، فتكون كما قيل:
چو ممكن گرد امكان بر فشاند * بجز واجب دگر چيزى نماند ومن جهة ما أشير إليه كانت معصومية المعصومين اختيارية، يستحقون بها الحمد والفضيلة لا جبرية وقهرية، والا لم يبق لهم الفضيلة في العصمة، ولكانت مستندة على الجبر، ولا فضيلة في العصمة القهرية.
ويمكن أن يكون ذلك بملاحظة ما كان الناس يتصورونه من جواز صدور المعصية عنهم (عليهم السلام) مثلا، كما هو شأن البشرية ولو من جهة الشبهة، حيث إنهم رأوهم في صورة البشر فتوهموا كونهم متصفين بلوازم البشرية، ولهذا:
هم سرى با انبيا برداشتند * جسم ديدند آدمي انگاشتند أين ندانستند ايشان از عمى * هست فرقى در ميان بي منتهى أين زمين پاك وآن شوراست وبد * أين فرشته پاك وآن ديواست ودد