من عرق جبرئيل ومن زغبه، قالوا: يا رسول الله إستشكل ذلك علينا، تقول حوراء انسية لا انسية، ثم تقول من عرق جبرئيل ومن زغبه؟!
قال (صلى الله عليه وآله): إذا أنبئكم، أهدى إلي ربي تفاحة من الجنة أتاني بها جبرئيل، فضمها إلى صدره فعرق جبرئيل وعرقت التفاحة، فصار عرقهما شيئا واحدا، فأمرني بأكلها، ففلقتها فرأيت منها نورا ساطعا فزعت من ذلك النور، قال:
كل فإن ذلك النور نور المنصورة فاطمة.
قلت: يا جبرئيل ومن المنصورة؟ قال: جارية تخرج من صلبك، واسمها في السماء منصورة وفي الأرض فاطمة، فقلت: يا جبرئيل ولم سميت في السماء بمنصورة وفي الأرض فاطمة؟ قال: لأنها تفطم شيعتها من النار، إلى آخر ما مر (1).
بيان: قال الفاضل المجلسي (رحمه الله): والزغب الشعيرات الصفر على ريش الفرخ، وكونها من زغب جبرئيل اما لكون التفاحة فيها وعرقت من بينها، أو لأنه التصق بها بعض الزغب فأكله النبي (صلى الله عليه وآله)، إنتهى (2).
ويمكن أن يكون المراد أن التفاحة المهداة من الجنة إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، هو نور فاطمة (عليها السلام) أهدي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) في عالم البشرية ليظهر من صلبه في صورة البشر في هذه النشأة، كما كان ذلك مقتضى طبعها في أصل الخلقة، وهذه التفاحة يعبر عنها في بعض الأخبار برطب شجرة رآها النبي (صلى الله عليه وآله) في الجنة، أو بثمرة شجرة طوبى، أو غير ذلك.
والمراد في الجميع واحد، وإنما اختلفت العبارات للإشارة إلى خواصها الباطنية والظاهرية، كتقوية قلوب الشيعة، ودفع رطوبات عالم الطبيعة وغير ذلك، وجبرئيل ملك الخلقة، وهو في الباطن مرتبة من مراتب عقل النبي (صلى الله عليه وآله) أي الحقيقة المحمدية، والزغب هو الريش الصغار، والريش