وقد يطلق النور الأخضر على نور النفس أيضا، وهذا أيضا صحيح باعتبار طرفها الأسفل الناظر إلى الطبيعة التي هي جبل القاف المحيط بالدنيا، وهو من زمردة خضراء منه اخضرت سماوات النفوس الكلية، وانتقال نور فاطمة (عليها السلام) إلى الحسن والحسين (عليهما السلام)، ثم الأئمة من ولد الحسين، إنما هو عبارة عن ظهور آثاره فيهم (عليهم السلام) من حيث المضهرية، فزال عنها (عليها السلام) صفة المظهرية لهذه الأنوار الفائضة، وليس المراد انها صارت خالية من هذا النور بالمرة.
وأما تنور أهل السماء بنورها، فلأن الكدورات الدنيوية قد غلبت على أهل الأرض بالكلية، فلا يستضيئون بنورها بل هم منها عمون، بخلاف أهل السماوات فإنهم عن الكدورات الدنيوية منزهون، فبنورها (عليها السلام) يستضيئون سواء كانوا أهل السماوات الظاهرية أو السماوات الباطنية، أي سماوات العوالم العالية الغير الجسمانية، فإن للباطن أيضا سماوات كما للظاهر.
وهذا التنوير على نحو الكمال إنما هو من حيث باطن المعصومين، فوجههم بالحقيقة إلى العوالم الباطنية، وهي السماوات الأصلية، وظاهرهم إلى أعلى هذا العالم بمنزلة الظهر، كما ورد أن ظهر الشمس إلى أهل الأرضين، ووجهها إلى فوق (1).
فإذا كان يوم القيامة جعل وجه الشمس إلى الناس بعكس هذه الحالة، وذلك بترقي الناس إلى السماوات الأصلية أي إلى العوالم (2) العالية التي منها نزلوا وإليها يصعدون، إنا لله وإنا إليه راجعون، إذ ما من أمر إلا وله أصل وفصل، وكل شئ يرجح إلى أصله وينصرف إلى محله وفصله.
فرقتي لو لم تكن في ذا السكون * لم يقل إنا إليه راجعون راجع آن بأشد كه باز آيد به شهر * سوى وحدت آيداز تفريق دهر