طلحة حدثني أنس بن مالك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خاله حراما أخا أم سليم في سبعين راكبا... الحديث وهذا هو حرام بن ملحان فبهذا السن خال النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لام سليم، ولكن ما هي الا خؤولة الرضاعة، قلت: وهذا الذي قاله فيه نظر، بل الضمير في قوله في حديث أنس - رضي الله تعالى عنه - بعث لام سليم عائدة على السن فان حراما أخا أم سليم خال أنس بلا خلاف.
وقال النووي: اتفق العلماء على أنها - يعني أم حرام - كانت محرمة له صلى الله عليه وسلم واختلفوا في كيفية ذلك، فقال ابن عبد البر وغيره: كانت إحدى خالاته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة.
وقال آخرون: بل كانت خالة لأبيه أو لجده، لان عبد المطلب كانت أمه من بني النجار، وتعقبه ابن الملقن فقال: ما ذكر من الاتفاق على أنها كانت محرما له فيه نظر، فمن أحاط بنسب النبي صلى الله عليه وسلم ونسب أم حرام علم أنه لا محرمية بينهما، والنبي صلى الله عليه وسلم معصوم ، وقد نهي عن الخلوة بالأجنبية نهي تحريم، فيحمل فعله هذا على الاختصاص وقد ادعاه بعض شيوخنا.
وأجيب عن النووي بأنه لم يرد أن أم حرام كانت محرما من جهة النسب، فإنه أعلم الناس بنسبهما، وانما أراد محرمية الرضاع التي حكاها ابن عبد البر وذهب إليها بلا شك، وحكى القاضي أبو بكر بن العربي: كلام ابن وهب وقال غيره: بل كان النبي صلى الله عليه وسلم معصوما يملك اربه عن زوجته فكيف عن غيرها، وهو المبرأ عن كل فعل قبيح، وقوله رفث فكان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم ثم قال: ويحتمل أن يكون ذلك قبل الحجاب، قال الحافظ: ورد بان ذلك كان بعد الحجاب والقصة كانت بعد حجة الوداع.
وقال الحافظ الدمياطي: زهل من زعم أن أم حرام إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة أو من النسب وكل من أثبت لها خؤولة تقتضي محرمية لان أمهاته من النسب واللاتي أرضعنه صلى الله عليه وسلم معلومات ليس فيهن أحد من الأنصار التبة سوى أم عبد المطلب وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار وأم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، فلا تجتمع أم حرام وسلمى الا من عامر بن غنم جدهما الاعلى، وهذه الخؤولة المذكورة لا تثبت بها محرمية، لأنها خؤولة مجازية، وهي كقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: (هذا خالي) لكونه من بني زهرة وهي من أقارب أمه آمنة بنت وهب، وليس سعد أخا لامة لا من النسب ولا من الرضاع ثم قال الدمياطي على أنه ليس في الحديث ما يدل على الخلوة بام حرام، ولعل ذلك كان مع ولد أو خادم أو زوج أو تابع.