الأول: أن فاطمة رضي الله عنها أفضل كما سنبينه. دل اللفظ بها أو نقول: إنها داخلة في نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأنها ابنته وهي داخلة معهن في اسم النساء في الجملة، والإضافة مختلفة فيها معنى النبوة، وفيهن بمعنى الزوجية.
الثاني: أن الخطاب للنساء الموجودات حين نزول الآية، فيلزم أنهن أفضل من خديجة، ولا خلاف أن خديجة رضي الله عنها أفضل منهن بعد عائشة، وجوابه: أن خديجة داخلة في جملة نساء النبي صلى الله عليه وسلم وان لم تكن مخاطبة لكن دل الخطاب على أن التفضيل انما حاصل للمخاطبات بكونهن نساء النبي حاصل فيها فلا تخرج عن حكمه.
الثالث: أنه يلزم تفضيل حفصة وأم سلمة وزينب وميمونة وسودة وجويرية وأم حبيبة على نساء سائر الأمم إذا جعلنا النساء للعموم ولا شك أن مريم أفضل من هؤلاء الثمان للحديث:
(لم يكمل من النساء الا أربع) فذكر مريم وخديجة وجوابه: أنا نلتزم التخصيص لذلك، وعند هذا أقول: إن الآية تضمنت تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم بأمور منها: (أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) (الأحزاب 29) وكلهن محسنات فعلمنا أن الله أعد لهن أجرا عظيما عنده، ويصغر في عين العظيم العظائم فمعظم الاجر المعد لهن لا يعلمه الا الله.
ومنها أنهن يؤتين أجرهن مرتين، ولهذا لم يحصل لغيرهن الا للثلاثة المذكورات في القرآن والحديث.
ومنها اعداد الله عز وجل لهن رزقا كريما، والشهداء أثنى عليهم بأنهم عند ربهم يرزقون، وهؤلاء زادهن مع الرزق كونه كريما.
ومنها المعاونة (بينهن وبين) (1) غيرهن وارادته تعالى اذهاب الرجس عنهن، وتطهيرهن تطهيرا مؤكدا، وما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة، وليس في الآية الا ذلك، وشرفهن بانتسابهن إليه عليه الصلاة والسلام وأناقة قدرهن بذلك حتى تفارق صفاتهن صفات غيرهن، وليس في الآية تصريح بما أراده الفقهاء، وتكلفوا فيه من التفضيل حتى يتكلف النظر بينهن وبين مريم، فنقول ما قاله الله تعالى بقوله، ونسكت عما سكت عنه، وزعم بعضهم أن أفضل الصحابة زوجاته عليه الصلاة والسلام، لأنهن معه في درجته التي هي أعلى الدرجات، وهذا قول ساقط مردود، وأما فاطمة وخديجة وعائشة رضي الله عنهن فقال البلقيني في (فتاويه):
الذي نختاره أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، للحديث الصحيح، وأنه قال لفاطمة: (أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء المؤمنين)، وفي النسائي مرفوعا: (أفضل