وللبخيل موقف مهين تهوي به النار إلى سجين شرابه الحميم والغسلين فقالت فاطمة عليها السلام:
أمرك يا ابن عم سمع طاعة ما بي من لوم ولا ضراعة وأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلا الماء القراح، فلما كان اليوم الثاني طحنت فاطمة عليها السلام صاعا واختبزته وأتى علي (ع) من الصلاة، ووضع الطعام بين يديه، فأتاهم يتيم فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد يتيم من أولاد المهاجرين، استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم الله على موائد الجنة، فسمعه على وفاطمة عليهما السلام فأعطوه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا إلا الماء القراح.
فلما كان في اليوم الثالث قامت فاطمة عليها السلام إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته وصلى علي (ع) مع النبي (ص) المغرب، ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه، إذ أتاهم أسير فوقف بالباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد تأسروننا ولا تطعموننا أطعموني فأنى أسير محمد أطعمكم الله على موائد الجنة، فسمعه علي (ع) فآثره وآثروه، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا سوى الماء.
فلما كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرهم أخذ علي الحسن بيده اليمنى والحسين باليسرى وأقبل نحو رسول الله (ص) وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، فلما بصر به النبي (ص) قال: يا أبا الحسن ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم انطلق إلى ابنتي فاطمة، فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلى قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها، فلما رآها النبي (ص) قال:
وا غوثاه بالله يا أهل بيت محمد تموتون جوعا؟ فهبط جبرئيل (ع) وقال: