ما يقول علي.
فخرجوا كما أمرهم معاوية ثم دخل أحدهم وهو راكب مغذ شاحب فقال له الناس بالكوفة: من أين جئت؟ قال: من الشام، قالوا له: الخبر!
قال: مات معاوية، فأتوا عليا عليه السلام فقالوا: رجل راكب من الشام يخبر بموت معاوية، فلم يحفل علي عليه السلام بذلك ثم جاء آخر من الغد وهو مغذ، فقال له الناس: ما الخبر؟ فقال: مات معاوية وخبر بمثل ما خبر صاحبه، فأتوا عليا عليه السلام فقالوا رجل راكب آخر يخبر من موت معاوية بمثل ما خبر صاحبه ولم يختلف كلامهما، فأمسك علي عليه السلام ثم دخل الاخر في اليوم الثالث، فقال الناس: ما وراك؟ قال: مات معاوية، فسألوه عما شاهد؟ ولم يخالف قول صاحبه فأتوا عليا (ع) فقالوا: يا أمير المؤمنين صح الخبر هذا راكب ثالث قد خبر بمثل ما خبر صاحباه، فلما كثروا عليه قال علي صلوات الله عليه:
كلا أو تخضب هذه من هذه، يعنى لحيته من هامته ويتلاعب بها ابن آكلة الأكباد، فرجع الخبر بذلك إلى معاوية. ورأيت له صلوات الله عليه خطبة يذكر فيها واقعة بغداد كأنه يشاهدها ويقول فيها كأني والله أنظر إلى القائم من بنى العباس، وهو يقاد بينهم كما يقاد الجزر إلى الأضحية لا يستطيع دفعا عن نفسه، ويحه ما أذله فيهم لاطراحه أمر ربه واقباله على أمر دنياه.
يقول فيها: والله لو شئت لأخبرتكم بأسمائهم وكناهم وحلاهم ومواضع قتلاهم ومساقط رؤوسهم إلى غير ذلك من أخباره بالغيوب وأخباره التي جرت في كل الأحوال على أسلوب واطلاعه على الحقائق واتيانه بالأمور الخوارق ومعجزاته التي أربت على الأواخر والأوائل ووقف عند صفاتها بيان كل قائل.