وسلم إن استطيع ذلك، فإن حيل بينه وبينه وخيف أن يهراق فيه محجمة من دم دفن عند أمه بالبقيع، وجعل حسن يوعز إلى الحسين: يا أخي إياك أن تسفك الدماء في فإن الناس سراع إلى الفتنة.
فلما توفي الحسن ارتجت المدينة صياحا فلا يلفى أحد إلا باكيا.
وأبرد مروان إلى معاوية يخبره بموت حسن وأنهم يريدون دفنه مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم لا يصلون إلى ذلك أبدا وأنا حي.
فانتهى حسين بن علي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: احفروا ها هنا. فنكب عنه سعيد بن العاص وهو الأمير فاعتزل ولم يحل بينه وبينه.
وصاح مروان في بني أمية ولفها وتلبسوا السلاح وقال مروان: لا كان هذا أبدا.
فقال له الحسين: يا ابن الزرقاء مالك ولهذا؟ أوال أنت؟ قال: لا كان هذا ولا يخلص إليه وأنا حي!! فصاح حسين بحلف الفضول (1) فاجتمعت [بنو] هاشم وتيم وزهرة وأسد وبنو جعونة ابن شعوب من بني ليث قد تلبسوا السلاح.
وعقد مروان لواءا وعقد حسين لواءا، فقال الهاشميون: يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى كانت بينهم المراماة بالنبل (2) وابن جعونة بن شعوب يومئذ شاهر سيفه.
فقام في ذلك رجال من قريش عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والمسور بن مخرمة بن نوفل، وجعل عبد الله بن جعفر يلح على حسين وهو يقول: يا ابن عم ألم تسمع إلى عهد أخيك: إن خفت أن يهراق في محجمة من دم فادفني بالبقيع مع أمي. أذكرك الله أن تسفك الدماء. وحسين يأبى دفنه إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ويعرض مروان لي؟ ماله ولهذا؟!