ترجمة الإمام الحسن (ع) - ابن عساكر - الصفحة ٢١٤
له حججت له، أرأيتك لو كان لك عند رجل يد أليس كنت تحب أن تلقاه حتى يكافئك؟
قال: فسرى عنه.
قال أبو جعفر حدث بهذا السندي ونحن مع أبي نعيم فقال أبو نعيم: لما اشتد [المرض] بالحسن بن علي ابن أبي طالب جزع (1) قال: فدخل عليه رجل فقال: يا أبا محمد ما هذا الجزع ما هذا؟ ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك فتقدم على أبويك علي وفاطمة وعلى جديك النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم والطيب ومطهر وإبراهيم وعلى خالاتك رقية وأم كلثوم وزينب. قال: فسرى عنه.
346 - أخبرنا أبو العز ابن كادش فيما قرأ علي إسناده وناولني إياه وقال: اروه عني أنبأنا أبو علي محمد بن الحسين، أنبأنا أبو الفرج المعافا بن زكريا، أنبأنا محمد بن القاسم الأنباري، أنبأنا محمد بن علي المدائني، أنبأنا أبو الفضل الهاشمي الربعي حدثني أحمد بن يعقوب، حدثني المفضل بن غسان بن المفضل أبي عبد الرحمان الغلابي (2) حدثني إبراهيم بن علي المطبخي قال:
سمعت أبا عبد الرحمان بن عيسى بن مسلم الحنفي أخا سليم بن عيسى قارئ أهل الكوفة، قال:
لما حضرت الحسن بن علي الوفاة كأنه جزع عند الموت فقال له الحسين كأنه يعزيه: يا أخي

(١) كل ما ذكروه هنا يكون من تصرفات دعاة السوء والذين كانوا يلبسون الحق بالباطل في أيام بني أمية وبني العباس تقربا إليهم، والإمام الحسن هو المطهر في كتاب الله، والذي جعل الله مودته أجر الرسالة، وهو المبشر بلسان جده أنه سيد شباب أهل الجنة، وانه مع أبيه وأمه وأخيه ومحبيهم مع رسول الله أو في درجة رسول الله يوم القيامة، والذي قال رسول الله له ولأبيه وأمه وأخيه: إني سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم. وهو من الذين جعل الله الصلاة عليهم بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من شرط قبول الصلاة فمن لم يصل عليهم لا صلاة له، وهو من أشرف أفراد من قال سلمان الخير - أو روى - في حقهم كما في ترجمته عليه السلام من أخبار إصبهان: ج 1، ص 44 قال: أنزلوا آل محمد بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العين من الرأس، فإن الجسد لا يهتدي إلا بالرأس، وإن الرأس لا يهتدي إلا بالعينين.
فمن كان بهذه المنزلة فكيف يخاف من الموت؟ كيف يخاف من الخلاص من العناء والتعب والوصول إلى دار الهناء والطرب؟ كيف يجزع من مفارقة الفساق والأشرار والمنافقين، واللحوق بالشهداء والصديقين؟ كيف يجزع من نفاد معاشرته مع أعداء الله، وابتداء مؤانسته ومصاحبته مع أحباء الله؟
نعم الإمام الحسن كان يرى الفوز والنجاح هو الشهادة في سبيل الله وقد نال أمنيته، وما كان يعرضه في آنات أخيرة من حياته لم يكن جزعا، وإنما كان حالة طبيعية تعرض كل ذي روح حين تتقطع أعضاؤه وتنفصل أجزاؤه بعضها من بعض.
فالامام كان يتقلب على فراش العلة ويتلوى ظهرا لبطن، ويتأوه ويتأنن لسريان سم معاوية في عروقه وأمعائه، وكانت العروق تنفصم بعضها عن بعض وتودع بعضها بعضا وتتلاشى بعضها عن بعض، فالاضطراب والتزلزل العارض على جسد الامام كان من جهة انقطاع نظم جثمانه الشريف والانتقال من عالم الحياة والتحرك إلى عالم الممات والسكون.
وبكاء الإمام الحسين عليه السلام كان من جهة فراق صنوه الطاهر، وما صنعوا معه من أفحش الظلم وبقائه وحيدا بين الأعداء، وعدم وجدانه سبيلا إلى أخذ ثاره من الظالمين، وعدم ظفره بالمعين المساعد على القضاء على المنافقين وقطع شافتهم واجتثاثهم من عالم الوجود.
(2) كذا في نسخة العلامة الأميني وفي نسخة تركيا،: " غسان بن الفضل بن عبد الرحمان.. ".
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست