فقال معاوية: أفعل ذلك يا أم المؤمنين وأنت أهل أن يسمع منك وتطاعي في كل ما تأمرين.
قال: فانصرفت عائشة إلى منزلها، وأرسل معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن الزبير فأخبر أنهم قد مضوا إلى مكة، فسكت ساعة يفكر في أمرهم، ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس فدعاه، فلما دخل عليه قرب مجلسه ثم قال: يا بن عباس! أنتم بنو هاشم وأنتم أحق الناس بنا وأولاهم بمودتنا لأننا بنو عبد مناف وإنما بعد بيننا وبينكم هذا الملك، وقد كان هذا الأمر في تيم وعدي فلم يعترضوا عليهم ولم يظهروا لهم من المباعدة، ثم قتل عثمان بين أظهركم فلم تغيروا، ثم وليت هذا الأمر فو الله لقد قربتكم وأعطيتكم ورفعت مقداركم فما تزدادون مني إلا بعدا، وهذا الحسين بن علي قد بلغني عنه هنات غيرها خير له منها، فاذكروا علي بن أبي طالب ومحاربته إياي ومعه المهاجرون والأنصار، فأبى الله تبارك وتعالى إلا ما قد علمتم، أفترجون بعد علي مثله أما بعد الحسن مثله؟ قال: فقطع عليه ابن عباس الكلام ثم قال: صدقت يا معاوية نحن بنو عبد مناف وأنتم أحق الناس بمودتنا وأولاهم بنا، وقد مضى أول الأمر بما فيه فأصلح آخره فإنك صائر إلى ما تريد، وأما ما ذكرت من عطيتك إيانا فلعمري ما عليك في جود من عيب، وأما قولك: ذهب علي أفترجون مثله؟ فمهلا يا معاوية رويدا لا تعجل! فهذا الحسين بن علي حي وهو ابن أبيه، واحذر أن تؤذيه يا معاوية فيؤذيك أهل الأرض، فليس على ظهرها اليوم ابن بنت نبي سواه. فقال معاوية: إني قد قلبت منك يا بن عباس!
قال: ثم رحل معاوية إلى مكة ورحل معه كافة أصحابه وعامة أهل المدينة وفيهم عبد الله بن عباس، حتى إذا قرب من مكة (1) خرج إليه أهلها فتلقوه كما فعل أهل المدينة وفيهم الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن الزبير، فلما نظر إليهم قال: مرحبا وأهلا! ثم نظر إلى الحسين فقال: مرحبا بأبي عبد الله مرحبا بسيد شباب أهل الجنة! ثم نظر إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: مرحبا بشيخ قريش وابن صديقها! [ثم نظر إلى ابن عمر وقال: مرحبا بابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرحبا بابن الفاروق ثم نظر إلى ابن الزبير فقال: مرحبا بابن حواري رسول