كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٣٤١
أساسا لنفسك، والزم ما كان عليه السلف الصالح من أخيار المسلمين، ولا يكن الأمر إلا بشورى بينهم، فإن الإسلام يرد على موارده، فإن أبيت ذلك وقد مللت (1) هذا الأمر فاعتزل وهات ابنك حتى نبايعه، واعلم يا معاوية أن خلافة الله في أرضه وخلقه وخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمته عظيمة، وأن الله تبارك وتعالى عنهما مسائلك، والذي يحاجك في القيامة غدا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فانظر لنفسك يا معاوية قبل أن ينظر لها سواك. فقال معاوية: يا هذا (2)! أمسك عليك لسانك واحذر أهل الشام، فإذا خلوت بي فقل ما أحببت فإني محتمل لك.
قال: فانصرف عبد الله بن الزبير إلى منزله، وأقام معاوية في مكة أياما، ثم أمر لقريش بجوائز ولم يأمر لبني هاشم بضيء، فكلمه ابن عباس في ذلك (3) وقال:
إنك قد أعطيت بطون قريش الأموال ولم تعط بني هاشم فلم ذلك يا معاوية؟ فقال معاوية: لأن صاحبكم الحسين بن علي أبى علي أن يبايع يزيد، فقال ابن عباس:
إنه قد أبى غير الحسين فأعطيته فقال معاوية: صدقت يا بن العباس! ولستم عندي كغيركم، فقال ابن عباس: والله لئن لم تفعل وترض بني هاشم لألحقن بساحل من سواحل البحر ثم لأنطقن بما تعلم ولأتركن الناس عليك خوارج. قال: فتبسم معاوية وقال: بل يعطون ويكرمون ويزادون أبا محمد! قال: ثم أمر معاوية لبني هاشم بجوائز سنية، فكل قبل جائزته إلا الحسين بن علي، فإنه لم يقبل من ذلك شيئا.
حتى إذا أراد معاوية الخروج عن مكة أمر بالمسير، فقرب من الكعبة ثم أرسل إلى الحسين وابن عمر وابن أبي بكر وابن الزبير فأحضرهم إلى مجلسه، ثم أقبل عليهم فقال: إنكم قد علمتم نظري لكم وصلتي أرحامكم، ويزيد أخوكم وابن عمكم، وإنما أردت أن تقدموه باسم الخلافة وتكونوا بعد ذلك أنتم الذين تأمرون وتنهون (4). فقال له ابن الزبير: يا معاوية! إنا نخيرك خصالا ثلاثا (5) فاختر منها

(1) عن الإمامة والسياسة، وبالأصل: ملكت.
(2) الإمامة والسياسة: ما أراك إلا قاتلا نفسك، ولكأني بك قد تخبطت في الحبالة.
(3) في الكامل لابن الأثير 2 / 513 والإمامة والسياسة 1 / 190 أن هذا تم بعدما بايعه أهل المدينة وانصرف عادا إلى الشام. وأن ابن عباس قد لحقه إلى الروحاء.
(4) زيد في الكامل لابن الأثير: وتجبون المال وتقسمونه لا يعارضكم في شيء من ذلك... فسكتوا.
فقال: ألا تجيبون؟ مرتين.
وكان هؤلاء النفر - وبعد الجوائز وتقديمات التي منحهم إياها معاوية - قد قالوا بعضهم لبعض: لا
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 197
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 201
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 205
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 207
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 210
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 216
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 217
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 218
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 229
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 231
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 237
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 240
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 242
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 244
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 246
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 248
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 251
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 252
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 255
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 256
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 257
22 ذكر خطبته الثالثة 260
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 262
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 263
25 ذكر ابتداء الحرب 271
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 280
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 283
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 284
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 285
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 286
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 290
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 292
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 296
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 298
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 302
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 305
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 306
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 308
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 314
40 ذكر موت زياد بن أبيه 316
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 317
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 318
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 322
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 329
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 334
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 336
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 344
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 347