الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمته! ثم قال معاوية: علي يا غلام بأربعة من الظهر! فأتي بها، فركبوا وساروا وسار معهم معاوية وجعل يحدثهم ويضاحكهم حتى دخل مكة، ثم بعث إلى كل واحد منهم بصلة سنية وفضل عليهم الحسين بن علي بكسوة حسنة، فلم يقبلها الحسين منه.
وأقام معاوية بمكة لا يذكر شيئا من أمر يزيد، ثم أرسل إلى الحسين فدعاه، فلما جاءه ودخل إليه قرب مجلسه ثم قال: أبا عبد الله! اعلم أني ما تركت بلدا إلا وقد بعثت إلى أهله فأخذت عليهم البيعة ليزيد، وإنما أخرت المدينة لأني قلت (1) هم أصله وقومه وعشيرته ومن لا أخافهم عليه، ثم إني بعثت إلى المدينة بعد ذلك فأبى بيعته من لا علم أحدا هو أشد بها منهم، ولو علمت (2) أن لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم خير من ولدي يزيد لما بعثت له. فقال له الحسين: مهلا يا معاوية! لا تقل هكذا، فإنك قد تركت من هو خير منه أما وأبا ونفسا، فقال معاوية: كأنك تريد بذلك نفسك أبا عبد الله! فقال الحسين: فإن أردت نفسي فكان ماذا؟ فقال معاوية: إذا أخبرك أبا عبد الله! أما أمك فخير من أم يزيد (3)، وأما أبوك فله سابقة وفضل، وقرابته من الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليست لغيره من الناس، غير أنه قد حاكم أبوه أباك، فقضى الله لأبيه على أبيك، وأما أنت وهو فهو والله خير لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم منك. فقال الحسين: من خير لأمة محمد! يزيد الخمور الفجور! فقال معاوية: مهلا أبا عبد الله! فإنك لو ذكرت عنده لما ذكر منك إلا حسنا، فقال الحسين: إن علم مني ما أعلمه منه أنا فليقل فيما أقول فيه، فقال له معاوية: أبا عبد الله! انصرف إلى أهلك راشدا واتق الله في نفسك واحذر أهل الشام أن يسمعوا منك ما قد سمعته فإنهم أعداؤك وأعداء أبيك.
قال: فانصرف الحسين إلى منزله وأرسل معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فأقبل، فلما دخل وهم معاوية أن يتكلم (4) سبقه عبد الرحمن بالكلام وقال: والله يا