ذكر خطبته الثالثة قال: ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (1): أيها الناس! ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقضت (2)، وإلى بلادكم تغزى وأنتم ذوو عدد جم وشوكة شديدة؟
فما بالكم اليوم لله أبوكم من أين تؤتون ومن أين تسحرون وأنى تؤفكون، انتبهوا رحمكم الله وأنبهوا نائمكم وتجردوا لحرب عدوكم، فقد أبدت الدعوة عن التصريح وقد أضاء الصبح لذي عينين، فاسمعوا قولي هداكم الله إذا قلت، وأطيعوا الله أمري إذا أمرت، فو الله لئن أطعتموني لم تغووا، وإن عصيتموني لن ترشدوا، وخذوا للحرب أهبتها وأعدوا لها عدتها واجمعوا آلتها، فقد شبت وأوقدت نارها، وتجرد لكم الفاسقون لكي يطفئوا نور الله بأفواههم ويغزوا عباد الله، فو الله إن لو لاقيتهم وحدي وهم أضعاف (3) ما هم عليه لما كنت بالذي أخافهم ولا أهابهم ولا أستوحش منهم.
لأني من طلالتهم (4)، والحق الذي أنا عليه لعلى بصيرة ويقين، وإني إلى لقاء ربي مشتاق ولحسن ثوابه منتظر، وهذا القلب الذي ألقاهم به الذي لقيت به الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو القلب الذي لقيت به أهل الجمل وأهل صفين وليلة الهرير، فإذا أنا أنفرتكم فانفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. ولا تثاقلوا إلى الأرض فيفروا بالحيف (5)، فإن أخا