كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٥
لذكر لك ولقومك) (1)، فلما قبضه الله عزو جل تنازعت العرب من بعده، فقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فقالت قريش: نحن أولياؤه وعشيرته فلا تنازعونا سلطانه، فعرفت العرب ذلك لقريش، ثم جاحدتنا قريش ما عرفه العرب لهم، وهيهات ما أنصفتنا قريش وقد كانوا ذوي فضيلة في الدين وسابقة في الإسلام، فرحمة الله عليهم، والآن فلا غرو إلا منازعتك إيانا بغير حق في الدين معروف، ولا أثر في الإسلام محمود، والموعد لله بيننا وبينك، ونحن نسأله أن لا يؤتينا في هذه الدنيا شيئا ينقصنا به في الآخرة، وبعد فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لما نزل به الموت ولاني هذا الأمر من بعده، فاتق الله يا معاوية! وانظر لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما تحقن به دماءكم وتصلح به أمورهم - والسلام -.
ثم دفع الحسن كتابه هذا إلى رجلين من أصحابه يقال لأحدهما جندب بن عبد الله الأزدي والآخر الحارث بن سويد التميمي، ووجههما إلى معاوية ليدعواه إلى البيعة والسمع والطاعة. قال: فلما قرأه كتب إليه في جوابه.
جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان (1) أما بعد، فقد فهمت كتابك وما ذكرت به محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وهو خير الأولين والآخرين، فالفضل كله فيه صلى الله عليه وآله وسلم، وذكرت تنازع المسلمين الأمر من بعده، فصرحت منهم بأبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وأبي عبيدة الأمين، وطلحة، والزبير، منهم بأبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وأبي عبيدة الأمين، وطلحة، والزبير، وصلحاء المهاجرين، وكرهت ذلك لك أبا محمد، وذلك أن الأمة لما تنازعت الأمر من بعد نبيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم علمت أن قريشا أحقها بهذا الشأن لمكان نبيها منها، ثم رأت قريش والأنصار وذوو الفضل والدين من المسلمين أن يولوا هذا الأمر أعلمها بالله، وأخشاها له، وأقدمها إسلاما، فاختاروا أبا بكر الصديق، ولو علموا مكان رجل هو أفضل من أبي بكر يقوم مقامه ويذب عن حوزة (3) الإسلام كذبه لما عدلوا ذلك عنه، فالحال بيني وبينك على ما كانوا عليه، ولو علمت أنك أضبط لأمر الرعية، وأحوط على هذه الأمة، وأحسن سياسة، وأكيد للعدو، وأقوى على جميع الأمور (4)،

(١) سورة الزخرف الآية ٤٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ٤ / 693.
(3) في شرح النهج: حرم.
(4) شرح النهج: وأقوى على جمع الفيء.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 197
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 201
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 205
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 207
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 210
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 216
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 217
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 218
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 229
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 231
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 237
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 240
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 242
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 244
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 246
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 248
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 251
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 252
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 255
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 256
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 257
22 ذكر خطبته الثالثة 260
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 262
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 263
25 ذكر ابتداء الحرب 271
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 280
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 283
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 284
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 285
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 286
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 290
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 292
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 296
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 298
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 302
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 305
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 306
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 308
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 314
40 ذكر موت زياد بن أبيه 316
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 317
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 318
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 322
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 329
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 334
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 336
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 344
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 347