فأصبحت قد أهدوا ثمار قلوبهم * إليك وأسرار القلوب كما هيا وكنت امرءا أهوى العراق وأهلها * وكنت حجازيا ولم أك شاميا فلا تجفنا واجمع إليك قلوبنا * فإنك ذو حلم ولم تك جافيا ودع عنك شيخا قد مضى لسبيله * على أي حاليه مصيبا وخاطئا فإنك لا تسطيع رد الذي مضى * ولا دافعا شيئا إذا كان جائيا قال: فقال له معاوية: يا بن المعمر! فإني قد صفحت عن الذي كان، يا غلام! احمل إلى رحمة ثلاثين ألف درهم يفرقها في بني عمه، وعشرين ألف درهم خاصة له، واحمل إلى ابن عمه الشني مثل ذلك - جرى ذكر هذه القصة مرة (1) فتكرت لأجلها.
قال: فلما كان ذلك اليوم دعا معاوية بخالد بن المعمر السدوسي، فعقد له عقدا وعزم على أن يوليه بلاد خراسان، قال: وأقبل سعيد بن عثمان بن عفان حتى دخل على معاوية.
ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان (2) قال: فلما دخل سعيد بن عثمان على معاوية قربه، وأدناه ثم قال: يا سعيد! ما هذا الذي بلغني عنك وعن أهل المدينة؟ قال: وما ذاك؟ قال: بلغني أنهم يقولون:
والله لا ينالها يزيد * حتى يعض هامه الحديد هذا ابن هند عندنا شهيد * إن الإمام بعده سعيد كأنك يا سعيد أحق بهذا الأمر من ابني يزيد! فقال له سعيد: وما تنكر من ذاك يا معاوية؟ فو الله إن أبي خير من أب يزيد، وأمي لخير من أم يزيد، ولأنا خير من يزيد، ومع ذلك فإننا وليناك فما عزلناك، ورفعناك فما وضعناك، ثم صارت هذه