بكر وابن عمر وابن الزبير حتى جلسوا إلى المنبر ومعاوية جالس، حتى علم أن الناس قد اجتمعوا وثب قائما على قدميه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس!
إنا قد وجدنا أحاديث الناس ذات عوار، وإنهم قد زعموا أن الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير لم يبايعوا يزيد، وهؤلاء الرهط الأربعة هم عندي سادة المسلمين وخيارهم، وقد دعوتهم إلى البيعة فوجدتهم إذا سامعين مطيعين، وقد سلموا وبايعوا وسمعوا وأجابوا وأطاعوا (1).
قال: فضرب أهل الشام بأيديهم إلى سيوفهم فسلوها ثم قالوا: يا أمير المؤمنين! ما هذا الذي تعظمه من أمر هؤلاء الأربعة؟ ائذن لنا أن نضرب أعناقهم فإنا لا نرضى أن يبايعوا سرا ولكن يبايعوا جهرا حتى يسمع الناس أجمعون، فقال معاوية: سبحان الله! ما أسرع الناس بالشر وما أحلى بقاءهم عندهم! اتقوا الله يا أهل الشام ولا تسرعوا إلى الفتنة، فإن القتل له مطالبة وقصاص.
قال: فبقي الحسين بن علي وابن أبي بكر وابن عمر وابن الزبير حيارى لا يدرون ما يقولون، يخافون إن يقولوا: لم نبايع، الموت الأحمر تجاه أعينهم في سيوف أهل الشام أو وقوع فتنة عظيمة فسكتوا ولم يقولوا شيئا (2)، ونزل معاوية عن المنبر، وتفرق الناس وهم يظنون أن هؤلاء الأربعة قد بايعوا. قال: وقربت رواحل معاوية فمضى في رفاقه وأصحابه إلى الشام.
قال: وأقبل أهل مكة إلى هؤلاء الأربعة فقالوا لهم: يا هؤلاء! إنكم قد دعيتم إلى بيعة يزيد فلم تبايعوا وأبيتم ذلك، ثم دعيتم فرضيتم وبايعتم! فقال الحسين: لا والله ما بايعنا! ولكن معاوية خدعنا وكادنا ببعض ما كادكم به. ثم صعد المنبر وتكلم بكلام، وخشينا إن رددنا مقالته عليه أن تعود الفتنة جذعا ولا ندري إلى ما ذا يؤول أمرنا، فهذه قصتنا معه.