ثم ساروا حتى دخلوا النهروان في اثني عشر ألفا من بين فارس وراجل. قال:
وبلغ ذلك عليا، فنادى في الناس فجمعهم في المسجد فخطبهم.
ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (1): أيها الناس! إن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم نذيرا للعالمين، وأمينا على التنزيل، وشهيدا على هذه الأمة بالتحريم والتحليل، وأنتم يا معشر العرب إذ ذاك في شر دار وعلى شر دين يبيتون (2) على حجارة خشن، وحيات صمم (3) وشوك مهوب في البلاد، تشربون الأجاج (4) وتأكلون الخبيث (5) من الطعام، سبلكم خائفة والأنصاب فيكم منصوبة، (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) (6) فمن الله عليكم بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، فبعثه إليكم رسولا من أنفسكم، وقال تبارك وتعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) (7) وقال عز وجل: (لقد من الله على المؤمنين) (8) فكنتم أنتم وهو رسوله إليكم تعرفون حسبه ونسبه وشرفه وفضله، وكان يتلو عليكم الآيات، ويأمركم بصلة الأرحام وحقن الدماء وإصلاح ذات البين، ونهاكم عن التظالم والتغاشم والتقاذف والتباهت، وأمركم بالمعروف ونهاكم عن المنكر، وكل خير يدني من الجنة ويبعد من النار فقد أمركم به، وكل شر يدني من النار فقد نهاكم عنه، فلما استكمل صلى الله عليه وآله وسلم مدته توفاه الله إليه مشكورا سعيه، مرضيا عمله، مغفورا له ذنبه، كريما عند الله