في ذلك سعة ما كنت محاربا ما لم ينتقص مسلما حقا هو له، وقد علمت أن أباك عليا إنما رغب الناس (عنه) وصاروا إلى معاوية لأنه واسى بينهم في الفيء وسوى بينهم في العطاء، فثقل ذلك عليهم، واعلم بأنك إنما تحارب من قد حارب الله ورسوله حتى أظهره الله أمره، فلما أسلموا ووحدوا الرب، ومحق الله الشرك وأعز الدين، وأظهروا الإيمان وقرأوا القرآن وهم بآياته مستهزئون، وقاموا إلى الصلاة وهم كسالى، وأدوا الفرائض وهم لها كارهون، فلما رأوا أنه لا يغزو (1) في هذا الدين إلا الأنبياء الأبرار والعلماء الأخيار وسموا (2) أنفسهم لسيما الصالحين، ليظن بهم المسلمون خيرا (3) وهم عن آيات الله معرضون، وقد منيت أبا محمد بأولئك القوم وأبنائهم وأشباههم، والله ما زادهم طول العمر إلا غيا، ولا زادهم في ذلك لأهل الدين إلا غشا (4)، فجاهدهم رحمك الله، ولا ترض منهم بالدنية، فإن أباك عليا رضي الله عنه لم يجب إلى الحكومة في حقه حتى غلب على أمره فأجاب وهو يعلم أنه أولى بالأمر إن حكم القوم بالعدل، فلما حكم بالهوى رجع إلى ما كان عليه، وعزم على حرب القوم حتى وافاه أجله، فمضى إلى ربه رحمه الله، فانظر رحمك الله أبا محمد! ولا تخرجن من حق أنت أولى به من غيرك وإن أتاك دون ذلك - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته -.
قال: فلما ورد كتاب عبد الله بن عباس وقرأه سره ذلك، وعلم أنه قد بايعه وأنه قد أمره بما يجب عليه في حق الله، دعا بكتابه وأمره أن يكتب إلى معاوية.
ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية (1) من عبد الله الحسن أمير المؤمنين إلى معاوية بن صخر، أما بعد، فإن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين، فأظهر به الحق وقمع به أهل الشرك، وأعز به العرب عامة، وشرف من شاء منهم خاصة (6)، فقال تبارك وتعالى (وإنه