ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك قال: ثم وضع (1) الناس السلاح والتقوا في المصنف بين العسكرين ودعوا بالكاتب، فجاء عبيد الله (2) بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو كاتب علي واجتمع الناس من أهل العراق وأهل الشام.
فقال علي رضي الله عنه لكتابه: اكتب " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضي عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان "، فقال معاوية: فإن كنت أمير المؤمنين كما زعمت فعلام أقاتلك؟ فقال علي رضي الله عنه: الله أكبر! كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الحديبية حين صده المشركون عن مكة، ثم اتفق أمره وأمرهم على الصلح بعد ذلك فدعاني لأكتب، فقلت: ما أكتب يا رسول الله؟ فقال: اكتب " هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله وأهل مكة "، فقال أبو هذا أبو سفيان بن حرب (3): يا محمد! إني لو أقررت أنك رسول الله لما قاتلتك، ولكن اكتب لنا صحيفتك باسمك واسم أبيك، فكتبت ذلك (4) بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا علي! إن لك يوما مثل هذا، أنا أكتبها للآباء وتكتبها للأبناء (5)، وإني الآن أكتبه لمعاوية كما كتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي سفيان (6)، قال: فقال: عمرو بن العاص: يا سبحان الله! ونقاس (7) نحن إلى الكفار ونحن مؤمنون! فصاح به علي صيحة وقال: يا بن النابغة! لو لم تكن للمشركين (8) وليا وللمؤمنين عدوا لم تكن في الضلالة رأسا وفي الإسلام ذنبا، أو لست ممن قاتل محمدا عليه السلام وفتن أمته من