قال: ثم طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى عبد الله بن أبي عقب وأرسله.
مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة قال: فأقبل عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج بالكتاب، حتى إذا صار إلى النهروان تقدم إلى عبد الله بن وهب الراسبي وهو جالس على شاطىء النهروان محتب بحمائل سيفه، وحرقوص بن زهير إلى جانبه ورؤساء الخوارج جلوس حولهم.
قال: فسلم عبد الله بن أبي عقب ودفع الكتاب إلى عبد الله بن وهب. فأخذه وفضه وقرأه عن آخره، ثم ألقاه إلى حرقوص فقرأه، ثم رفع رأسه إلى ابن أبي عقب فقال له: لو لا أنك رسول لألقيت منك أكثرك شعرا (1) فمن أنت؟ قال: رجل من الموالي، قال: من أي الموالي أنت؟ قال: من موالي بني هاشم. قال: إني أظنك من هذا الرجل بسبب يعني علي بن أبي طالب، فقال: أنا رجل من أصحابه، قال: أفحلال أنت أم لا؟ قال: لا بل حرام دمي في كتاب الله عز وجل، فقال: ما أراك تعرف كتاب الله، قال: بلى، إني لأعرف منه الناسخ والمنسوخ والمكي والمدني والسفري والحضري. قال: وتعرف الله حق معرفته؟ فقال: نعم، إني لأعرفه ولا أنكره، أؤمن به ولا أكفره. قال: وبما ذا عرفته؟ قال: برسوله وكتابه المنزل، قال: صدقت. فأصدقني ما تكون من علي بن أبي طالب، قال: أنا أخوه في الإسلام، قال: عبد الله بن وهب أو مسلم أنت؟ قال: أنا مسلم والحمد لله.
قال: وما الإسلام؟ قال له ابن أبي عقب: إن الإسلام عشرة أسهم، خاب من لا سهم له فيها، شهادة أن لا إله إلا الله وهي الملة، والصلاة وهي الفطرة، والزكاة وهي الطهر، والصوم وهو الجنة، والحج وهو الشريعة، والجهاد وهو الغزو، والأمر بالمعروف وهو الوفاق، والنهي عن المنكر وهو الحجة، والطاعة وهي العصمة، والجماعة وهي الألفة. قال: صدقت، فخبرني ما الإيمان، فقال: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ونحن له مسلمون، والرضاء بما جاء من عند الله من سخط أو رضى، والجنة حق، والنار حق، وأن الله يبعث من في القبور. فقال عبد الله بن وهب: أيها الرجل! إنه حرم علينا دمك فخبرني أعالم أنت