فعرض عليه أهل السجون والدعار ومن يصلح للحرب، فانتخب سعيد بن عثمان منهم أربعة آلاف رجل، كل رجل يعد برجال. قال: فالتأم الناس إلى سعيد بن عثمان ممن يريد الجهاد، فصار سعيد في جيش كثير، وقواه زياد بأربعة آلاف ألف درهم، فقبضها سعيد وفرقها في أصحابه.
ثم دعا بوكيل عبد الله بن أبي بكرة ثم دفع إليه كتاب صاحبه، فلما قرأه قال:
نعم والله وكرامة! إنه قد أمرني أن أجهزك بمائتي ألف درهم إلى أربعمائة ألف درهم. قال: فقال له سعيد بن عثمان: ويحك! لعلك أوهمت، هذا كثيرا جدا؟
فقال له الوكيل: ما أوهمت، بذلك كتب إلي، فخذ حاجتك ودعني وصاحبي.
قال: فبقي سعيد بن عثمان لا يدري ما يقول: فقال له مولى له: اقتصر، جعلت فداك على جائزة ابن أبي بكرة ولا نرد ولاية خراسان. فقال له سعيد: الآن اقتصر وقد اجتمع إلي الناس ورغبوا في الجهاد؟ ثم أخذ سعيد بن عثمان من وكيل ابن أبي بكرة ما أمره به ونادى فيهم بالرحيل.
ذكر مسير سعيد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الريب (1) المازني قال: ثم خرج سعيد بن عثمان من البصرة ومعه وجوه الناس (2) وسادات العرب، فأخذ على طريق فارس، فلما دخلها أقبل إليه مالك بن الريب (3) المازني، وكان من أجمل العرب، وأشدهم بأسا، وأفصحهم لسانا.
وكان السبب الذي صار به مالك به الريب (1) إلى فارس أنه كان قبل ذلك يقطع الطريق بناحية المدينة مع أصحاب له، قال: فطلبه مروان بن الحكم، ومروان يومئذ نائب معاوية على المدينة، فطلبه الحارث بن حاطب الجمحي وهو أيضا عامل