نزله، فيا لها من مصيبة خصت وعمت المؤمنين، لم يصابوا بمثلها قبلها، ولا يعاينون بعدها مثلها، وبعد فقد علمتم ما كان من هؤلاء القوم من الإقدام والجرأة على سفك الدماء، وهم قوم فساق مراق عماة حفاة، يريدون فراقي وشقاقي، وفيهم من قد عضه بالأمس السلاح ووجد ألم الجراح، فجدوا رحمكم الله وخذوا آلة الحرب فإني سائر إليهم إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.
قال: ثم نزل عن المنبر ولم يجبه إلا اليسير من أهل الكوفة، ودخل إلى منزله وغضب لذلك، ثم خرج إلى الناس وخطبهم ثانيا.
ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة قال: فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (1): أيتها الفئة المجتمعة أبدانهم المتفرقة أديانهم (2)! إنه والله ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح من قاساكم، كلامكم يوهن (3) الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيه عدوكم، أنا أدعوكم إلى أمر فيه صلاحكم والذب عن حريمكم، اعتراكم الفشل وجبنتم بالعلل، ثم قلتم كيت وكيت وذيت وذيت، أعاليل وأضاليل وأقوال أباطيل، ثم سألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول (4)، هيهات إنه لا ينفع الصم الدليل (5)، ولا يدرك الحق إلا بالجد، فخبروني يا أهل العراق مع أي إمام بعدي تقاتلون؟ أم أية دار تمنعون؟
والذليل والله من نصرتموه والمغرور من غررتموه، لقد أصبحت لا أطمع في نصركم ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم، وأبدلكم بي غيري وأبدلني بكم من هو خير لي منكم، أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيفا قاطعا وأثرة قبيحة يتخذها الظالمون عليكم سنة فتبكي عيونكم، ويدخل الفقر بيوتكم، وتتمنون في بعض