فما زال هذا دابه في نهاره * إلى أن رأيت الليل أسود داجيا رأى شبهة فيها لقوم ضلالة * ودلاه أصحاب الغرور الأمانيا فضل ضلالا لم ير الناس مثله * وأصبح يهوي في جهم ثاويا قال: فلما فرغ من الكتابين وختما وثب الأشتر النخعي وعدي بن حاتم الطائي وعمرو بن الحمق الخزاعي وشريح بن هانىء المذحجي وزحر بن قيس الجعفي والأحنف بن قيس التميمي ومن أشبههم من فرسان علي فقالوا: يا معاوية! إياك أن تظن بنا ميل الحق، فإننا اليوم على ما كنا بالأمس، غير أنكم استغثتم بالمصاحف ودعوتمونا إلى كتاب الله عز وجل فأجبناكم إلى ذلك، فإن حكم الحاكمان بالحق.
وإلا فنحن راجعون إلى حربنا أو لا يبقى منا ومنكم واحد. فقال معاوية: افعلوا ما أحببتم.
قال: ونادى معاوية في أهل الشام أن يرجعوا إلى شامهم، ونادى علي في أهل العراق بالرحيل إلى العراق.
ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه قال: وأقبل أبو موسى الأشعري إلى علي رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين! إني لست آمن الغوائل فابعث معي قوما من أصحابك إلى دومة الجندل، قال: فبعث معه علي رضي الله عنه شريح بن هانىء في خمسمائة (1) رجل من أصحابه، فلما صار في بعض الطريق أقبل عليه شريح فقال له: أبا موسى! إنك قد نصبت لأمر (2) لا يجبر صدعه ولا يستقال عثرته (3)، فاعلم أنك قلت شيئا لك أم عليك، لزمك (4) حقه وزال عنك باطله، فاتق الله وانظر كيف تكون، فإنك قد