كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٧
الحمرة في السماء. قال: فقيل له: يا أبا إسحاق! فكيف لم تفعل السماء ذلك بالأنبياء وأولاد الأنبياء من قبل وبمن كان خيرا من الحسين؟ فقال كعب: ويحكم!
إن قتل الحسين أمر عظيم لأنه ابن بنت خيرة الأنبياء، وإنه يقتل علانية ظلما وعدوانا، لا تحفظ فيه وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مراح مائة وبضعة من لحمه، ثم يذبح بعرصة الكرب والبلاء، والذي نفس كعب بيده! لتبكينه زمرة من الملائكة في السماوات لا يقطعون بكاءهم عليه إلى آخر الدهر، وأن البقعة التي يدفن فيها خير البقاع بعد ثلاث: مكة، والمدينة، وبيت المقدس، وما من نبي إلا وقد زارها وبكى عندها، ولها في كل يوم زيارة من الملائكة بالتسليم، فإذا كانت ليلة جمعة أو يوم جمعة نزل إليها سبعون ألف ملك يبكونه ويذكرون فضله ومنزلته عندهم، وإنه يسمى في السماوات حسينا المذبوح، وفي الأرض أبا عبد الله المقتول، وفي البحار الفرخ الأزهر المظلوم، وإنه يوم يقتل تنكسف من النهار الشمس، ومن الليل القمر، وتدوم الظلمة على الناس ثلاثة أيام، وتمطر السماء كما أخبرتكم دما، وتدكدك الجبال، وتغطمط البحار، ولو لا بقية من ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومحبي محمد ومحبي أبيه وأمه يطلبون دمه ويأخذون بثأره لصب الله عز وجل عليهم من السماء نيرانا.
ثم قال كعب، لعلكم تعجبون مما حدثتكم به من أمر الحسين بن علي! إن الله تعالى لم يترك شيئا كان أن يكون في أول الدهر وآخره إلا وقد فسره لموسى عليه السلام، وما من نسمة خلقت ومضت من ذكر وأنثى إلا وقد رفعت إلى آدم عليه السلام وعرضت عليه، ولقد عرضت على آدم هذه الأمة، فنظر إليها وإلى اختلافها وتكالبها على الدنيا فقال: يا رب! ما لهذه الأمة والدنيا وهي خير الأمم وأفضلها؟ وأوحى الله عزو جل إليه: يا آدم! هذا أمري في خلقي وقضائي في عبادي، يا آدم! إنهم أخلفوا فاختلفت قلوبهم، وسيظهرون في أرضي الفساد كفساد قابيل حين قتل هابيل، ويقتلون فرخ حبيبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: ثم مثل بآدم عليه السلام في الذروة مقتل الحسين بن علي ووثوب أمة جده عليه، فنظر إليهم آدم عليه السلام مسودة وجوههم فقال: يا رب! ابسط عليهم الأسقام كما قتلوا فرخ هذا النبي الكريم.
قال هبيرة بن يريم فحدثني أبي يريم قال: لقيت سلمان الفارسي فحدثته بهذا
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 197
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 201
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 205
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 207
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 210
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 216
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 217
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 218
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 229
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 231
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 237
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 240
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 242
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 244
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 246
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 248
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 251
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 252
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 255
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 256
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 257
22 ذكر خطبته الثالثة 260
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 262
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 263
25 ذكر ابتداء الحرب 271
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 280
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 283
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 284
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 285
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 286
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 290
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 292
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 296
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 298
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 302
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 305
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 306
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 308
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 314
40 ذكر موت زياد بن أبيه 316
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 317
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 318
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 322
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 329
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 334
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 336
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 344
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 347