رضي الله عنه إلى هؤلاء المستأمنين إليه فقال: اعتزلوا عني في وقتكم هذا وذروني والقوم.
قال: فاعتزل القوم وتقدم علي بن أبي طالب من أصحابه حتى دنا منهم، وتقدم عبد الله بن وهب حتى وقف بين الجمعين، وجعل يقول: (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) (1) ألا! إن الذين عدلوا بربهم علي بن أبي طالب وأصحابه الذين حكموا في دين الله عمرو بن العاص وعبد الله بن قيس، والله تعالى يقول: (اتبع ما أوحي إليك من ربك) (2) وقال تعالى: (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) (3) وقال: (ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين) (4).
قال: فصاح به رجل من أصحاب علي رضي الله عنه يكنى بأبي حنظلة فقال له: يا عدو الله! ما أنت والخطباء في مثل هذا الموضع، وأنت والله ما فهمت في دين الله ساعة قط وما زلت جلفا جافيا مذ كنت ثكلتك أمك، يا بن وهب! أتدري ويلك لمن تتكلم ولمن تتنازع؟ أما علمت أنه أمير المؤمنين أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه ووصيه وصفيه وزوج ابنته وأبو سبطية؟ فقال له علي: ذره يا أبا حنظلة! فإن الذي هو فيه من العمى والضلالة أعظم من كلامه إياي لو علم.
قال: فصاح ذو الثدية حرقوص وقال: والله يا بن أبي طالب ما نريد بقتالنا إياك إلا وجه الله والدار الآخرة. قال: فقال علي رضي الله عنه: هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) (5) منهم أهل النهروان ورب الكعبة!.
ذكر ابتداء الحرب قال: ثم دعا علي برجل من أصحابه يقال له رويبة (6) بن وبر البجلي فدفع إليه