أيتهن شئت فهي لك صلاح (1). قال معاوية: وما ذاك يا بن الزبير؟ قال: إن شئت فاصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إنه خرج من الدنيا ولم يستخلف، ثم اختار الناس من بعده أبا بكر الصديق فجعلوه خليفة، فافعل أنت ذلك إلى أن يقضي الله فيك أمره فيختار الناس لأنفسهم كما اختاروا أبا بكر، فقال معاوية: إنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر، وإني لا آمن عليكم الاختلاف. قال ابن الزبير: فاصنع كما صنع أبو بكر، إنه ترك ولده ورهطه الأدنين (2) ممن كان للخلافة أهلا وعهد إلى رجل من قاصية قريش (3) فجعلها في عمر بن الخطاب، فجنبها أنت أيضا ابنك واجعلها فيمن شئت من قريش ما خلا بني عبد شمس. وإن شئت فاصنع كما صنع عمر بن الخطاب، أن جعلها شورى في ستة نفر من الصحابة (4) يختارون لأنفسهم رجلا وترك ولده وأهل بيته، وفيهم من لو وليها لكان لها أهلا. فقال معاوية: فهل من شيء غير هذا يا بن الزبير؟ فقال: ما عندي لها رابعة.
فقال معاوية للثلاثة الباقية: ما تقولون أنتم؟ فقالوا: نحن على ما قال ابن الزبير. قال معاوية: فإني أريد أن أرحل عن مكة غير أني عزمت أن أتكلم على المنبر بكلام (5) والمبقي في ذلك الوقت إنما يبقي على نفسه من أهل الشام وأنتم أعلم، وقد أعذر من أنذر. قال: فانصرف القوم إلى منازلهم.
فلما كان من الغد خرج معاوية وأقبل حتى دخل المسجد، ثم صعد المنبر فجلس عليه، ونودي له في الناس فاجتمعوا إليه، وأقبل الحسين بن علي وابن أبي