ذكر كتاب علي إلى الخوارج بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله وابن عبده أمير المؤمنين وأجير المسلمين أخي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن عمه، إلى عبد الله بن وهب وحرقوص بن زهير المارقين من دين الإسلام! أما بعد، فقد بلغني خروجكما واجتماعكما هنا لك بغير حق كان لكما ولأبويكما من قبلكما، وجمعكما لهذه الجموع الذين لم يتفقهوا في الدين، ولم يعطوا في الله اليقين، والزما الحق فإن الحق يلزمكما منزلة الحق ثم لا يقضى إلا بالحق، ولا تزيغا فيزيغ من معكما من أخباركما فيكون مثلكما ومثلهم كمثل غنم نفشت في أرض ذات عشب، فرعت وسمنت، وإنما حتفها في سمنها، وقد علمنا بأن الدنيا كعروتين سفلا وعلوا، فمن تعلق بالعلو نجا، ومن استمسك بالسفل هلك، والسعيد من سعدت به رعيته والشقي من شقيت به رعيته، وخير الناس خيرهم لنفسه وشرهم شرهم لنفسه، وليس بين الله وبين أحد قرابة، (وكل نفس بما كسبت رهينة) (1)، والكلام كثير وإنما نريد منه اليسير، فمن لم ينتفع باليسير ضره الكثير، وقد جعلتموني في حالة من ضل وغوى وعن طريق الحق هوى، خرجتم علي مخالفين بعد أن بايعتموني طائعين غير مكرهين، فنقضتم عهودكم ونكثتم أيمانكم، ثم لم يكفكم ما أنتم فيه من العمى وشق العصا، حتى وثبتم على عبد الله بن خباب فقتلتموه وقتلتم أهله وولده (2) بغير ترة كانت منه إليكم ولا دخل، وهو ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولن يغني القعود عن الطلب بدمه، فادفعوا إلينا من قتله وقتل أهله وولده وشرك في دمائهم، ولا تقتلوا أنفسكم على عمى وجهل، فتكونوا حديثا لمن بعدكم، وبالله أقسم قسما صادقا لئن لم تدفعوا إلينا قاتل صاحبنا عبد الله بن خباب لم أنصرف عنكم دون أن أقضي فيكم إربي - وبالله أستعين وعليه أتوكل والسلام والرحمة من الواحد الخلاق على النبيين وعلى عباده الصالحين (3) -.
(٢٦٢)