بمقلعين ولا منتهين حتى (1) يصيبهم مني بوائق تخيب أصولهم فليرفع أولئك على ضلعهم من قبل أن تصيبهم مني فاقرة لا يقومون لها، فقد أنذرت إن نفع الإنذار وبينت إن نفع البيان، قال: ثم جعل يتمثل بهذه ويقول:
قد كنت حذرتك آل المصطلق * وقلت يا عامر ذرني (2) وانطلق إنك إن كلفتني ما لم أطق * ساءك ما سرك مني من خلق دونك ما استقيته فأحسن (3) وذق قال: ثم ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين (4) بن علي وقال: والله لئن لم يبايعوا ليزيد لأفعلن ولأفعلن!
قال: ثم نزل عن المنبر ودخل إلى منزله، وبلغ ذلك عائشة فأقبلت حتى دخلت مغضبة عليه وقالت: يا معاوية! ما كفاك أنك قتلت أخي محمد بن أبي بكر وأحرقته بالنار حتى قدمت المدينة وأخذت بالوقيعة في أبناء الصحابة وأنت من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة وكان أبوك من الأحزاب! فخبرني ما كان يؤمنك مني إن أبعث إليك من يقتلك بأخي محمد وآخذ بثأري! قال فقال لها معاوية: يا أم المؤمنين! أما أخوك محمد فلم أقتله ولم آمر بذلك ولكنه كان ينصر من جهز علي بن أبي طالب فوجهت إليهم معاوية بن خديج وعمرو بن العاص فحاربهما فقتلاه وفعلا به ما فعلا ولم يك ذلك عن رأيي، وأما قولك تقتليني فإنني في بيت أمان. فقالت عائشة: لعمري أنت في بيت أمان ولكن بلغني عنك أنك تهددت أخي عبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن أخت عبد الله بن الزبير والحسين بن فاطمة، وليس مثلك من يتهدد مثل هؤلاء! فقال معاوية: مهلا يا أم المؤمنين! فهو أعز علي من بصري لكني أخذت البيعة لابني يزيد، وقد بايعه كافة المسلمين، أفتريني أنقض بيعة قد ثبتت وتأكدت وأن يخلع الناس عهودهم! فقالت عائشة: إني لا أرى ذلك ولكن عليك بالرفق والتأني، إنهم لا يخالفونك، وانظر لا يبلغني عنك أنك أسأت إلى أحد منهم فتلقى مني ما لا تحب، واذكر المرجع إلى الله والمنقلب إليه.