معاوية: لعل ودك أنا قد وكلناك إلى الله في أمر ابنك يزيد حتى تفعل ما تريد! ولا والله لا نفعل ذلك أبدا أو لتردن الأمر شورى بين المسلمين (1)! فقال معاوية: أما والله! إني لأعرف بك وبسفهك ولقد هممت أن أفعل كذا وكذا - أو كما قال، فقال له عبد الرحمن: إذا والله يا معاوية يدركك الله به في الدنيا ويدخر لك العقوبة في الآخرة. فقال معاوية: اللهم اكفني أمر هذا الشيخ! يا هذا! اتق الله في نقل أن يسمعك أهل الشام، فقال عبد الرحمن: أما نحن فقد اتقينا الله فذرنا نقعد في منازلنا ولا تدعنا إلى بيعة يزيد الخمور ويزيد الفهود ويزيد القرود.
قال: ثم وثب عبد الرحمن بن أبي بكر مغضبا فصار إلى منزله وأرسل معاوية إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب فدعاه وقال: يا عبد الله! عهدي بك وأنت تكره الفرقة وتقول: ما أحب أن أبيت ليلة وليس علي أمير، وإني أحذرك أن تشق العصا أو (2) أن تسعى في الأرض الفساد، وإن الناس قد استوسقوا وبايعوا ابني يزيد غيركم أيتها الرهط فقال له عبد الله (3): يا معاوية! أما من كان من قبلك أئمة ولهم أبناء وليس ابنك بأفضل من أبنائهم غير أنهم اختاروا لأنفسهم الخيار حيث أنهم علموه، وقد حذرتني الشقاق ولم أكن شاقا لأحد غير أني سمعتك تذكر بيعة قد سبقت وعهدا قد أكد وليس لك عندي خلاف، فإذا اجتمع الناس على ابنك يزيد لم أخالف، وإن تفرقوا فإني متوقف حتى يجتمعوا على رجل فأكون كواحد من المسلمين، فقال له معاوية: نعم ما قلت يا بن عمر، قم واحذر أهل الشام.
قال: ثم دعا ابن الزبير، فلما دخل ونظر إليه معاوية تبسم ثم قال:
[ثعلب] (4) رواغ، كلما سد عليه جحر خرج من آخر، يا بن الزبير! إنك قد عهدت إلى هؤلاء الثلاثة فنفخت في مناخيرهم وحملتهم على غير رأيهم، وذلك أن الناس قد استوسقوا في هذه البيعة غيركم أيها النفر، فاتق الله يا بن الزبير! ولا تكن مشاقا قاطعا، فقال عبد الله بن الزبير: والله ما في شقاق يا معاوية، فلا تبن فينا