ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه قال: فبينا علي كرم الله وجهه مقيم بالكوفة ينتظر انقضاء المدة التي كانت بينه وبين معاوية ثم يرجع إلى محاربة أهل الشام إذ تحركت طائفة من خاصة أصحابه في أربعة آلاف فارس، وهم من النساك العباد أصحاب البرانس (1)، فخرجوا عن الكوفة وتحزبوا وخالفوا عليا كرم الله وجهه وقالوا: لا حكم إلا لله ولا طاعة لمن عصى الله.
قال: وانحاز إليهم نيف عن ثمانية آلاف رجل ممن يرى رأيهم، قال: فصار القوم في اثني عشر ألفا وساروا حتى نزلوا بحروراء (2)، وأمروا عليهم عبد الله بن الكواء.
قال: فدعا علي رضي الله عنه بعبد الله بن عباس فأرسله إليهم، وقال: يا بن عباس! امض إلى هؤلاء القوم فانظر ما هم عليه ولماذا اجتمعوا.
قال: فأقبل عليهم ابن عباس، حتى إذا أشرف عليهم ونظروا إليه ناداه بعضهم (3) وقال: ويلك يا بن عباس! أكفرت بربك كما كفر صاحبك علي بن أبي طالب؟ فقال ابن عباس: إني لا أستطيع أن أكلمكم كلكم، ولكن انظروا أيكم أعلم بما يأتي ويذر فليخرج إلي حتى أكلمه. قال: فخرج إليه رجل منهم يقال له عتاب بن الأعور الثعلبي حتى وقف قبالته، وكأن القرآن إنما كان ممثلا بين عينيه،