إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يخرج من الدنيا حتى رفع له ملك بني أمية، فنظر إليهم يصعدون منبره واحدا بعد واحد، فشق ذلك عليه، فأنزل الله تعالى في ذلك قرآنا فقال: (إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر) (1) يقول: إن ليلة القدر خير من ألف شهر من سلطان بني أمية (2).
قال: فالتفت الحسين إلى أخيه الحسن فقال: والله لو اجتمع الخلق طرا على أن لا يكون الذي كان إذا ما استطاعوا، ولقد كنت كارها لهذا الأمر ولكني لم أحب أن أغضبك، إذ كنت أخي وشقيقي.
قال: فقال المسيب: أما والله يا بن رسول الله! ما يعظم علينا هذا الأمر الذي صار إلى معاوية، ولكنا نخاف عليكم أن تضاموا بعد هذا اليوم، وأما نحن فإنهم يحتاجون إلينا وسيطلبون المودة منا كلما قدروا عليه.
قال: فقال له الحسن: لا عليك يا مسيب! فإنه من أحب قوما كان معهم.
قال: ثم رحل معاوية وأصحابه إلى الشام، ورحل الحسن بن علي ومن معه إلى المدينة وهو عليل.
ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية قال: وبلغ أهل البصرة ما كان من بيعة الحسن لمعاوية، فشغبوا وقالوا: لا نرضى أن يصير الأمر إلى معاوية. ثم وثب رجل منهم يقال له حمران بن أبان فتغلب على البصرة فأخذها، ودعا للحسين بن علي، وبلغ ذلك معاوية فدعا عمرو بن [أبي] أرطاة وهو أخو بسر فضم إليه جيشا ووجه به إلى البصرة (3). فأقبل عمرو في جيشه ذلك يريد البصرة، وتفرق أهل الشغب فلزموا منازلهم.
ودخل عمرو بن [أبي] أرطاة البصرة مغضبا وأقبل حتى نزل دار الإمارة، فلما