وحوافر الخيل تطأهم فاستيقظوا فزعين فأخذتهم السيوف.
قال: وفتح أولئك القوم المحاصرون باب الحصن وخرجوا من ورائهم فاقتتل القوم قتالا شديدا في جوف الليل، فقتل من المسلمين نفر قليل وقتل من الكفار بشر كثير، وأضاء الصبح وانهزم الكفار إلى موضع يقال له الردم (1)، واحتوى المسلمون على ما قدروا عليه من غنائمهم.
قال: واجتمعت عبد القيس إلى العلاء بن الحضرمي من جميع نواحي البحرين حتى صار في نيف من ستة آلاف من أصحابه الذين قدموا عليه وممن انحاز إليهم، فأقبل عليهم العلاء بن الحضرمي فقال: يا معشر عبد القيس! اعلموا أنكم في جهاد هؤلاء كجهاد من جاهد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بين هؤلاء وأولئك فرق، واعلموا أن القتيل منكم في الحياة والرزق عند الله، وللحي منكم الغنم والسرور، وقد ذلت لكم بنو بكر بن وائل الرقاب بقدومي عليكم فأبشروا بالنصر على أعدائكم ولتصدق نياتكم في الجهاد. قال: فقال المنذر بن الجارود العبدي:
صدقت أيها الأمير! لقد كان قدومك علينا فرجالنا وثوابا عظيما لنا ولك في جهاد عدونا، فلو لم تأتنا لكان الله عز وجل ينصرنا على عدونا ولم يكن يخذلنا، لكن أيها الأمير ههنا جزيرة (2) فيها قوم كفار أشد علينا من جميع أعدائنا وليس لها إلا طريق واحد، فسر بنا إليهم فعسى الله عز وجل أن يمكننا منهم، فإذا فرغت منهم سر بنا إلى عدونا وعدوك من هؤلاء الفرس وغيرهم من الكفار.
قال: فسار العلاء بن الحضرمي في جوف الليل وليس لها إلا طريق واحد وعلى طريقها قوم يحرسونها فلم يشعر الحرس إلا وخيل المسلمين قد وافتهم فقتلوا عن آخرهم، ودخلت الخيل إلى الجزيرة، فما تركوا فيها ذكرا إلا قتلوه إلا من كان من صغار الذرية، واحتوى المسلمون على جميع ما كان في جزيرة دارين من النساء