وقتلوا منهم نيفا على ثمانين رجلا. قال: ثم كبر المسلمون وحملوا عليهم وكشفوهم كشفة قبيحة.
ثم تراجعت بنو حنيفة ومعهم صاحبهم مسيلمة حتى وقف أمام قومه، ثم حسر عن رأسه، ثم إنه حمل وحمل معه بنو حنيفة كحملة رجل واحد وانهزم المسلمون بين أيديهم وأسلموا سوادهم. قال: وصارت بنو حنيفة إلى فسطاط خالد فأحدقوا به (1)، وثبت لهم خالد يومئذ وحده يضاربهم بالسيف، فإذا هو قد كشفهم عن فسطاطه ويلتفت إلى المسلمين فيناديهم: ويحكم يا قراء القرآن! أما تخافون غضب الرحمن وعذاب النيران؟ ويحكم يا أهل دين محمد! أين الفرار ممن يزعم أنه شريك نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم في نبوته ورسالته؟ أما تخافون الله أن يطلع عليكم فيجازيكم على سوء فعلتكم؟ قال: فتاب الناس إليه من كان جانب حتى أحدقوا به، ودنت بنو حنيفة للقتال كأنهم الأسد الضارية، واشتبك الحرب بين الفريقين، وتقدم أبو دجانة سماك ابن خرشة (2) الأنصاري، ثم حمل أبو دجانة على بني حنيفة فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة، قال: وحمل عليه رجل من سادات بني حنيفة ليضربه بالسيف فأخطأه وضربه أبو دجانة ضربة فقطعه نصفين، وحمل على رجل آخر من بني حنيفة وولى الحنفي من بين يديه ولحقه أبو دجانة فضربه فقطع ساقيه جميعا، ثم حمل على ميمنتهم فضرب فيهم ضربا وجيعا وحمل على ميسرتهم ففعل كذلك، وكان ربما حمل على الرجل فيعانقه ثم يضربه فيذبحه ثم يقف وينادى بأعلى صوته: يا أهل الدين والإسلام! إلي إلي فداكم أبي وأمي! فتاب إليه السوابق من أهل بدر وأحد والأحزاب فكبروا وحملوا معه حملة عجيبة على مسيلمة وأصحابه فكشفوهم كشفة فاضحة وقتلوا منهم جماعة، ثم رجعوا إلى مواقفهم.
قال: وتقدم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري خطيب الأنصار وشيخهم