الزبير قبل عبد الملك صاروا ستة عشر، وعلى كل تقدير فهم إثنا عشر قبل عمر بن عبد العزيز، فهذا الذي سلكه على هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية، ويخرج منهم عمر بن عبد العزيز، الذي أطبق الأئمة على شكره وعلى مدحه، وعدوه من الخلفاء الراشدين، وأجمع الناس قاطبة على عدله، وأن أيامه كانت من أعدل الأيام حتى الرافضة يعترفون بذلك، فإن قال: أنا لا أعتبر إلا من اجتمعت الأمة عليه، لزمه على هذا القول أن لا يعد علي بن أبي طالب ولا ابنه، لان الناس لم يجتمعوا عليهما وذلك أن أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما، وعد حبيب معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد ولم يقيد بأيام مروان ولا ابن الزبير، كأن الأمة لم تجتمع على واحد منهما، فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عادا للخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان ثم معاوية ثم يزيد بن معاوية ثم عبد الملك ثم الوليد بن سليمان ثم عمر بن عبد العزيز ثم يزيد ثم هشام فهؤلاء عشرة، ثم من بعدهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك الفاسق، ولكن هذا لا يمكن أن يسلك، لأنه يلزم منه إخراج علي وابنه الحسن من هؤلاء الاثني عشر وهو خلاف ما نص عليه أئمة السنة بل والشيعة، ثم هو خلاف ما دل عليه نصا حديث سفينة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال، الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا عضوضا * وقد ذكر سفينة تفصيل هذه الثلاثين سنة فجمعها من خلافة الأربعة، وقد بينا دخول خلافة الحسن وكانت نحوا من ستة أشهر فيها أيضا، ثم صار الملك إلى معاوية لما سلم الامر إليه الحسن بن علي، وهذا الحديث فيه المنع من تسمية معاوية خليفة، وبيان أن الخلافة قد انقطعت بعد الثلاثين سنة لا مطلقا، بل انقطع تتابعها، ولا ينفي وجود خلفاء راشدين بعد ذلك، كما دل عليه حديث جابر بن سمرة * وقال نعيم بن حماد: حدثنا راشد بن سعد عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حذيفة بن اليمان قال: يكون بعد عثمان إثنا عشر ملكا من بني أمية، قيل له: خلفاء؟ قال: لا بل ملوك. وقد روى البيهقي من حديث حاتم بن [ابن أبي صغيرة] (1) عن أبي بحر قال: كان أبو الجلد جارا لي، فسمعته يقول - يحلف عليه - إن هذه الأمة لن تهلك حتى يكون فيها إثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق، منهم رجلا من أهل البيت، أحدهما يعيش أربعين سنة، والآخر ثلاثين سنة * ثم شرع البيهقي في رد ما قاله أبو الجلد بما لا يحصل به الرد، وهذا عجيب منه، وقد وافق أبا الجلد طائفة من العلماء، ولعل قوله أرجح لما ذكرنا وقد كان ينظر في شئ من الكتب المتقدمة، وفي التوراة التي بأيدي أهل الكتاب ما معناه: إن الله تعالى بشر إبراهيم بإسماعيل، وإنه ينميه ويكثره ويجعل من ذريته اثني عشر عظيما * قال شيخنا العلامة أبو العباس بن تيمية: وهؤلاء المبشر بهم في حديث جابر بن سمرة، وقرر أنهم يكونون مفرقين في الأمة، ولا تقوم الساعة حتى يوجدوا، وغلط كثير ممن تشرف بالاسلام من اليهود فظنوا أنهم الذين تدعو إليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم * وقد قال
(٢٨٠)