البيهقي والحاكم من حديث عبد الله بن مسعود عن رشدين بن سعد، وقال البيهقي: تفرد به رشدين بن سعد، وقد روي قريب من هذا عن كعب الأحبار ولعله أشبه والله أعلم * ثم روى من طريق يعقوب بن سفيان: حدثنا محمد (1) عن أبي المغيرة عبد القدوس عن إسماعيل بن عياش عمن حدثه عن كعب الأحبار قال: تظهر رايات سود لبني العباس حتى ينزلوا بالشام، ويقتل الله على أيديهم كل جبار وكل عدو لهم * وقال الإمام أحمد: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا جرير عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج عند انقطاع من الزمان، وظهور من الفتن، رجل يقال له السفاح، فيكون إعطاؤه المال حثوا (2) * ورواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم، عن أحمد بن عبد الصمد عن أبي عوانة (3) عن الأعمش به، وقال فيه يخرج رجل من أهل بيتي يقال له السفاح، فذكره، وهذا الاسناد على شرط أهل السنن ولم يخرجوه * فهذه الأخبار في خروج الرايات السود من خراسان وفي ولاية السفاح وهو أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وقد وقعت ولايته في حدود سنة ثلاثين ومائة، ثم ظهر بأعوانه ومعهم الرايات السود، وشعارهم السواد، كما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح، وعلى رأسه المغفر وفوقه عمامة سوداء، ثم بعث عمه عبد الله لقتال بني أمية، فكسرهم في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهرب من المعركة آخر خلفائهم، وهو مروان بن محمد بن مروان ويلقب بمروان الحمار، ويقال له مروان الجعدي، لاشتغاله على الجعد بن درهم فيما قيل، ودخل عمه دمشق واستحوذ على ما كان لبني أمية من الملك والأملاك والأموال، وجرت خطوب كثيرة سنوردها مفصلة في موضعها إن شاء الله تعالى * وقد ورد عن جماعة من السلف في ذكر الرايات السود التي تخرج من خراسان بما يطول ذكره، وقد استقصى ذلك نعيم بن حماد في كتابه، وفي بعض الروايات ما يدل على أنه لم يقع أمرها بعد، وأن ذلك يكون في آخر الزمان، كما سنورده في موضعه إن شاء الله تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان * وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تكون الدنيا للكع بن لكع، قال أبو معمر: هو أبو مسلم الخراساني - يعني الذي أقام دولة بني العباس - والمقصود أنه تحولت الدولة من بني أمية إلى بني العباس في هذه السنة، وكان أول قائم منهم أبو العباس السفاح، ثم أخوه أبو جعفر عبد الله المنصور باني مدينة السلام، ثم من بعده ابنه المهدي محمد بن عبد الله، ثم من بعده ابنه الهادي، ثم ابنه الآخر هارون الرشيد، ثم انتشرت الخلافة في ذريته على ما سنفصله إذا وصلنا إلى تلك الأيام * وقد نطقت هذه الأحاديث التي أوردناها آنفا بالسفاح والمنصور والمهدي، ولا شك أن المهدي الذي هو ابن المنصور ثالث خلفاء بني العباس، ليس هو المهدي الذي وردت
(٢٧٧)