والمنة * وفيه دلالة على صحة خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، والشهادة لهم بالعدل، حيث أنفقت الأموال المغنومة في زمانهم في سبيل الله على الوجه المرضي الممدوح * وقال البخاري، ثنا محمد بن الحكم، ثنا النضر، ثنا إسرائيل، ثنا سعد الطائي، أنا محل بن خليفة عن عدي بن حاتم، قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكى إليه الفاقة، ثم أتاه آخر فشكى إليه قطع السبيل، فقال: يا عدي هل رأيت الحيرة؟ قلت: لم أرها، وقد أنبئت عنها، قال: فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ما تخاف أحدا إلا الله عز وجل - قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دعار (1) طئ الذين قد سعروا البلاد؟ - ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى، قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: كسرى بن هرمز، ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له فيقولن له: ألم أبعث إليك رسولا فيبلغك؟
فيقول: بلى، فيقول: ألم أعطك مالا وأفضلت عليك؟ فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم، قال عدي: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة، قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة فلا تخاف إلا الله عز وجل، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يخرج ملء كفه (2) ثم رواه البخاري عن عبد الله بن محمد - هو أبو بكر بن أبي شيبة - عن أبي عاصم النبيل، عن سعدان بن بشر، عن أبي مجاهد - سعد الطائي - عن محل عنه به، وقد تفرد به البخاري من هذين الوجهين، ورواه النسائي من حديث شعبة عن محل عنه: اتقوا النار ولو بشق تمرة * وقد رواه البخاري من حديث شعبة، ومسلم من حديث زهير، كلاهما عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مغفل، عن عدي مرفوعا.
اتقوا النار ولو بشق تمرة * وكذلك أخرجاه في الصحيحين: من حديث الأعمش عن خيثمة عن عبد الرحمن عن عدي، وفيها من حديث شعبة عن عمرو بن مرة، عن خيثمة عن عدي به * وهذه كلها شواهد لأصل هذا الحديث الذي أوردناه، وقد تقدم في غزوة الخندق الاخبار بفتح مدائن كسرى وقصوره وقصور الشام وغير ذلك من البلاد * وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن عبيد، ثنا إسماعيل، عن قيس عن خباب قال: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة متوسدا بردة له، فقلنا: يا رسول الله، ادع الله لنا واستنصره، قال: فأحمر لونه أو تغير، فقال: لقد كان من قبلكم تحفر له الحفيرة ويجاء بالميشار فيوضع على رأسه فيشق ما يصرفه عن دينه، ويمشط