بصعدة، وهو مهبط على أهل مكة أو منهبطه، وهو مصعد. قال ابن حزم: الذي لا شك فيه أنها كانت مصعدة من مكة وهو منهبط لأنها تقدمت إلى العمرة وانتظرها حتى جاءت، ثم نهض عليه السلام إلى طواف الوداع فلقيها منصرفه إلى المحصب من مكة. وقال البخاري: باب من نزل بذي طوى إذا رجع من مكة، وقال محمد بن عيسى، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر. أنه كان إذا أقبل بات بذي طوى حتى إذا أصبح دخل، وإذا نفر مر بذي طوى وبات بها حتى يصبح، وكان يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. هكذا ذكر هذا معلقا بصيغة الجزم. وقد أسند هو ومسلم من حديث حماد بن زيد به لكن ليس فيه ذكر المبيت بذي طوى في الرجعة. فالله أعلم.
فائدة عزيزة. فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصحب معه من ماء زمزم شيئا، قال الحافظ أبو عيسى الترمذي: حدثنا أبو كريب، ثنا خلاد بن يزيد الجعفي، ثنا زهير بن معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة: أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمله، ثم قال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال البخاري: ثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبد الله - هو ابن المبارك - ثنا موسى بن عقبة عن سالم ونافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من الغزو أو الحج أو من العمرة، يبدأ فيكبر ثلاث مرات ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. والأحاديث في هذه كثيرة ولله الحمد والمنة.
فصل في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السلام خطب بمكان بين مكة والمدينة مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة - يقال له غدير خم - فبين فيها فضل علي بن أبي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن، بسبب ما كان صدر منه إليهم من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا، والصواب كان معه في ذلك، ولهذا لما تفرغ عليه السلام من بيان المناسك ورجع إلى المدينة بين ذلك في أثناء الطريق، فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ وكان يوم الأحد بغدير خم تحت شجرة هناك، فبين فيها أشياء. وذكر من فضل علي وأمانته وعدله وقربه إليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه. ونحن نورد عيون الأحاديث الواردة في ذلك ونبين ما فيها من صحيح وضعيف بحول الله وقوته وعونه، وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين والصحيح والسقيم، على ما جرت به عادة كثير من المحدثين يوردون ما وقع