لهم في ذلك الباب من غير تمييز بين صحيحه وضعيفه. وكذلك الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر أورد أحاديث كثيرة في هذه الخطبة. ونحو نورد عيون ما روي في ذلك مع إعلامنا أنه لا حظ للشيعة فيه ولا متمسك لهم ولا دليل لما سنبينه وننبه عليه، فنقول وبالله المستعان.
قال محمد بن إسحاق - في سياق حجة الوداع - حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة. قال: لما أقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، تعجل إلى رسول الله واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسى كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي، فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم، فإذا عليهم الحلل. قال: ويلك ما هذا؟ قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس. قال ويلك: انزع قبل أن ينتهي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فانتزع الحلل من الناس، فردها في البز، قال: وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم. قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب - وكانت عند أبي سعيد الخدري - عن أبي سعيد. قال: اشتكى الناس عليا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا، فسمعته يقول: أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله أنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله [من أن يشكى] (1). ورواه الإمام أحمد من حديث محمد بن إسحاق به. وقال: إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله. وقال الإمام أحمد حدثنا الفضل بن دكين، ثنا ابن أبي غنية (2)، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله يتغير. فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قلت: بلى يا رسول الله! قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ". وكذا رواه النسائي، عن أبي داود الحراني، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن عبد الملك بن أبي غنية بإسناده نحوه. وهذا إسناد جيد قوي رجاله كلهم ثقات. وقد روى النسائي في سننه: عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن حماد، عن أبي معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم. قال: لما رجع رسول الله من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن (3) ثم قال: " كأني قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " فقلت لزيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينيه وسمعه بأذنيه. تفرد به النسائي من هذا الوجه. قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي وهذا