وقد روى الحافظ البيهقي: من طريق يعقوب بن سفيان، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن يزيد، عن محمد بن الزبير الحنظلي. قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وعمرو بن الأهتم. فقال لعمرو بن الأهتم: " أخبرني عن الزبرقان، فأما هذا فلست أسألك عنه " وأراه كان عرف قيسا، قال فقال: مطاع في أذنيه شديد العارضة، مانع لما وراء ظهره. فقال الزبرقان: قد قال ما قال وهو يعلم أني أفضل مما قال، قال فقال عمرو: والله ما علمتك إلا زبر المروءة، ضيق العطن، أحمق الأب، لئيم الخال، ثم قال:
يا رسول الله قد صدقت فيهما جميعا أرضاني فقلت بأحسن ما أعلم فيه، وأسخطني فقلت بأسوء ما أعلم. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن البيان سحرا " وهذا مرسل من هذا الوجه. قال البيهقي وقد روي من وجه آخر موصولا: أنبأنا أبو جعفر كامل بن أحمد المستملي، ثنا محمد بن محمد بن محمد (1) بن أحمد بن عثمان البغدادي، ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن (2) العلاف ببغداد، حدثنا علي بن حرب الطائي، أنبأنا أبو سعد (3) بن الهيثم بن محفوظ عن أبي المقوم يحيى بن يزيد الأنصاري عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس. قال: جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس بن عاصم، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم التميميون، ففخر الزبرقان، فقال: يا رسول الله أنا سيد تميم والمطاع فيهم والمجاب، أمنعهم من الظلم وآخذ لهم بحقوقهم، وهذا يعلم ذلك - يعني عمرو بن الأهتم - قال عمرو بن الأهتم: إنه لشديد العارضة، مانع لجانبه، مطاع في أذنيه. فقال الزبرقان: والله يا رسول الله لقد علم مني غير ما قال، وما منعه أن يتكلم إلا الحسد، فقال عمرو بن الأهتم: أنا أحسدك فوالله إنك للئيم الخال، حديث المال، أحمق الوالد، مضيع في العشيرة، والله يا رسول الله لقد صدقت فيما قلت أولا، وما كذبت فيما قلت آخرا. ولكني رجل إذا رأيت قلت أحسن ما علمت، وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت، ولقد صدقت في الأولى والأخرى جميعا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن من البيان سحرا " (4) وهذا اسناد غريب جدا. وقد ذكر الواقدي سبب قدومهم وهو أنه كانوا قد جهزوا السلاح على خزاعة فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن بدر في خمسين ليس فيهم أنصاري ولا مهاجري، فأسر منهم أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيا فقدم رؤساهم بسبب أسرائهم ويقال قدم منهم تسعين - أو ثمانين - رجلا في ذلك منهم عطارد والزبرقان، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، والأقرع بن حابس، ورباح بن الحارث وعمرو بن الأهتم، فدخلوا المسجد وقد