بجاد - وهو الكساء الغليظ - فشقه باثنين فائتزر بواحدة وارتدى بالأخرى، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمي ذو البجادين.
قال ابن إسحاق: وذكر ابن شهاب الزهري عن ابن أكيمة الليثي، عن ابن أخي أبي رهم الغفاري أنه سمع أبا رهم كلثوم بن الحصين - وكان من أصحاب الشجرة - يقول: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فسرت ذات ليلة معه ونحن بالأخضر والقى الله علي النعاس (1) وطفقت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلة النبي صلى الله عليه وسلم فيفزعني دنوها منه مخافة أن أصيب رجله في الغرز، فطفقت أحوز راحلتي عنه، حتى غلبتني عيني في بعض الطريق، فزاحمت راحلتي راحلته ورجله في الغرز، فلم أستيقظ إلا بقوله " حس " فقلت: يا رسول الله استغفر لي، قال " سر " فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلف عنه من بني غفار فأخبره به. فقال وهو يسألني " ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط (2) الذين لا شعر لهم في وجوههم؟ " فحدثته بتخلفهم، قال " فما فعل النفر السود الجعاد القصار " قال: قلت: والله ما أعرف هؤلاء منا قال " بلى الذين لهم نعم بشبكة شدخ " (3) فتذكرتهم في بني غفار، فلم أذكرهم حتى ذكرت أنهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا، فقلت: يا رسول الله أولئك رهط من أسلم حلفاء فينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله امرءا نشيطا في سبيل الله، إن أعز أهلي علي أن يتخلف عني المهاجرون والأنصار وغفار وأسلم ".
قال ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال: لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى المدينة هم جماعة من المنافقين بالفتك به وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق، فأخبر بخبرهم فأمر الناس بالمسير من الوادي وصعد هو العقبة وسلكها معه أولئك النفر وقد تلثموا، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه، عمار آخذ بزمام الناقة، وحذيفة يسوقها، فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبصر حذيفة فرجع إليهم ومعه محجن، فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه، فلما رأوا حذيفة ظنوا أن قد أظهر على ما أضمروه من الامر العظيم فأسرعوا حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما فأسرعا حتى قطعوا العقبة ووقفوا ينتظرون الناس، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة " هل عرفت هؤلاء القوم؟ " قال: ما عرفت إلا رواحلهم في ظلمة الليل حين غشيتهم، ثم قال " علمتما ما كان من شأن هؤلاء الركب؟ " قالا: لا، فأخبرهما بما كانوا تملأوا عليه وسماهم لهما واستكتمهما