عليا وقد أهللت بالحج وأهل هو بالحج والعمرة. فقلت: هل أستطيع أن أفعل كما فعلت؟
قال: ذلك لو كنت بدأت بالعمرة قلت: كيف أفعل إذا أردت ذلك؟ قال: تأخذ إداوة من ماء فتفيضها عليك ثم تهل بهما جميعا ثم تطوف لهما طوافين وتسعى لهما سعيين، ولا يحل لك حرام دون يوم النحر. قال منصور: فذكرت ذلك لمجاهد قال: ما كنا نفئ إلا بطواف واحد، فأما الآن فلا نفعل. قال الحافظ البيهقي وقد رواه سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وشعبة عن منصور فلم يذكر فيه السعي. قال: وأبو نصر هذا مجهول. وإن صح فيحتمل أنه أراد طواف القدوم وطواف الزيارة. قال وقد روي بأسانيد أخر عن علي مرفوعا وموقوفا ومدارها على الحسن بن عمارة وحفص بن أبي داود وعيسى بن عبد الله، وحماد بن عبد الرحمن كلهم ضعيف، لا يحتج بشئ مما رووه في ذلك. والله أعلم. قلت: والمنقول في الأحاديث الصحاح خلاف ذلك فقد قدمنا عن ابن عمر في صحيح البخاري: أنه أهل بعمرة وأدخل عليها الحج، فصار قارنا وطاف لهما طوافا واحدا بين الحج والعمرة وقال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد روى الترمذي وابن ماجة والبيهقي من حديث الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جمع بين الحج والعمرة طاف لهما طوافا واحدا وسعى لهما سعيا واحدا. قال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب. قلت: إسناده على شرط مسلم. وهكذا جرى لعائشة أم المؤمنين فإنها كانت ممن أهل بعمرة لعدم سوق الهدي معها، فلما حاضت أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتهل بحج مع عمرتها فصارت قارنة فلما رجعوا من منى طلبت أن يعمرها من يعد الحج فأعمرها تطييبا لقلبها كما جاء مصرحا به في الحديث. وقد قال الإمام أبو عبد الله الشافعي أنبأنا مسلم - هو ابن خالد - الزنجي عن ابن جريج عن عطاء أن رسول الله قال لعائشة: طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك. وهذا ظاهره الارسال وهو مسند في المعنى بدليل ما قال الشافعي أيضا: أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح، عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشافعي:
وربما قال سفيان، عن عطاء عن عائشة وربما قال عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة فذكره قال الحافظ البيهقي: ورواه ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة موصولا. وقد رواه مسلم من حديث وهيب عن ابن طاوس عن ابن عباس عن أبيه عن عائشة بمثله. وروى مسلم من حديث ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول دخل رسول الله على عائشة وهي تبكي فقال: مالك تبكين؟ قالت: أبكي إن الناس حلوا ولم أحل وطافوا بالبيت، ولم أطف وهذا الحج قد حضر قال: إن هذا أمر قد كتبه الله على بنات آدم، فاغتسلي وأهلي بحج، ففعلت ذلك، فلما طهرت، قال: طوفي بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حللت من حجك وعمرتك قالت:
يا رسول الله إني أجد في نفسي من عمرتي، أني لم أكن طفت حتى حججت قال: اذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم. وله من حديث ابن جريج أيضا أخبرني أبو الزبير سمعت جابرا قال: لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا، وعند أصحاب أبي حنيفة