والمروة على بعير وأن ذلك سنة. قال: صدقوا وكذبوا قلت: ما صدقوا وما كذبوا. قال:
صدقوا قد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على بعير، وكذبوا ليست بسنة، كان الناس لا يدفعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصرفون عنه فطاف على بعير ليسمعوا كلامه وليروا مكانه ولا تناله أيديهم هكذا رواه أبو داود: وقد رواه مسلم: عن أبي كامل، عن عبد الواحد بن زياد. عن الجريري، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس فذكر فضل الطواف بالبيت بنحو ما تقدم. ثم قال قلت لابن عباس: أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة، قال: صدقوا وكذبوا. قلت: فما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال إن رسول الله كثر عليه الناس يقولون هذا محمد هذا محمد! حتى خرج العواتق من البيوت وكان رسول الله لا يضرب الناس بين يديه، فلما كثر عليه الناس ركب. قال ابن عباس: والمشي والسعي أفضل. هذا لفظ مسلم، وهو يقتضي أنه إنما ركب في أثناء الحال. وبه يحصل الجمع بين الأحاديث والله أعلم.
وأما ما رواه مسلم في صحيحه حيث قال: ثنا محمد بن رافع، ثنا يحيى بن آدم، ثنا زهير، عن عبد الملك بن سعيد، عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: أراني قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فصفه لي قلت: رأيته عند المروة على ناقة وقد كثر الناس عليه فقال ابن عباس: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم كانوا لا يضربون عنه، ولا يكرهون. فقد تفرد به مسلم، وليس فيه دلالة على أنه عليه السلام سعى بين الصفا والمروة راكبا إذ لم يقيد ذلك بحجة الوداع ولا غيرها وبتقدير أن يكون ذلك في حجة الوداع فمن الجائز أنه عليه السلام بعد فراغه من السعي وجلوسه على المروة وخطبته الناس وأمره إياهم من لم يسق الهدي منهم أن يفسخ الحج إلى العمرة فحل الناس كلهم إلا من ساق الهدي كما تقدم في حديث جابر. ثم بعد هذا كله أتى بناقته فركبها وسار إلى منزلة بالأبطح كما سنذكره قريبا. وحينئذ رآه أبو الطفيل عامر بن واثلة البكري، وهو معدود في صغار الصحابة. قلت قد ذهب طائفة من العراقيين كأبي حنيفة وأصحابه والثوري إلى أن القارن يطوف طوافين، ويسعى سعيين، وهو مروي عن علي وابن مسعود ومجاهد والشعبي. ولهم أن يحتجوا بحديث جابر الطويل ودلالة على أنه سعى بين الصفا والمروة ماشيا وحديثه هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بينهما راكبا على تعداد الطواف بينهما مرة ماشيا ومرة راكبا. وقد روى سعيد بن منصور في سند عن علي رضي الله عنه أنه أهل بحجة وعمرة فلما قدم مكة طاف بالبيت وبالصفا والمروة لعمرته ثم عاد فطاف بالبيت وبالصفا والمروة لحجته ثم أقام حراما إلى يوم النحر هذا لفظه. ورواه أبو ذر الهروي في مناسكه عن علي أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين، وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل. وكذلك رواه البيهقي والدارقطني والنسائي في خصائص علي فقال البيهقي في سننه: أنبأنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأنا علي بن عمر الحافظ، أنبأنا أبو محمد بن صاعد، ثنا محمد بن زنبور، ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، عن مالك بن الحارث أو منصور، عن مالك بن الحارث عن أبي نصر قال: لقيت