يحمل على الثاني حذرا من تعقيبه الاقرار بالمنافي، بل على الأول، لعدم المنافاة ".
قلت: وإليه أشار المصنف بقوله: * (ومنهم من فرق وليس شيئا) * إلا أني لم أجده لأحد من أصحابنا ممن تقدم عليه، نعم هو المشهور من أقوال الشافعية، بل ومن تأخر عنه إلا الفاضل في التحرير، فقال عند بيان بطلان الاقرار بالتعليق " وكذا إن قال: إن قدم زيد أو رضي فلان أو شهد، أو إذا جاء رأس الشهر فلك على كذا، ولو قال: لك على كذا إذا جاء رأس الشهر لزمه ".
وفيه ما لا يخفى من أنه لا فرق في اللغة والعرف بين تقدم الشرط وتأخره، وأن الشرط وإن تأخر لفظا فهو متقدم معنى وله صدر الكلام، مضافا إلى ما عرفت مما ذكرناه من وجه المسألة الذي لا يتفاوت فيه بين التقدم والتأخير.
ومنه يعلم وجه النظر في كلام جميع من تعرض للمسألة كالفاضل في القواعد وغيرها، والشهيد والكركي والأردبيلي وغيرهم حتى الشيخ في المحكي عن مبسوطه، حيث بنوا المسألة على عدم ظهور في اللفظ على كونه تعليقا فيبطل، أو تأجيلا فيصح، ولم يلتفتوا إلى الصحة وإن لم يكن تأجيلا، لأن في الشرع أسبابا تشرع الالتزام معلقا وقد أخبر بها، وهو مصدق على نفسه، بل لا يكاد يفهم التأجيل من حاق اللفظ المزبور، ضرورة ظهوره في تعليق الملك عليه وأصل الاستحقاق لا أنه قد ملك عليه ولكن أداؤه يستحق عند رأس الشهر، ولو فرض انحصار وجه الصحة في التأجيل كان الجزم بالبطلان حينئذ متجها لظهور اللفظ في تعليق أصل الاستحقاق دونه، كما يحكى عن ثاني الشهيدين في تمهيد القواعد.
بل مما ذكرنا يعلم النظر فيما أطال فيه بعض المتأخرين هنا من أنه على تقدير الصحة ولزوم الألف هل تكون حالة كما عن أبي على والمبسوط والسرائر وجامع الشرائع والإرشاد وشرحه والإيضاح، بل عن التذكرة نسبته إلى أكثر علمائنا، لتوقف التأجيل على ما يقتضي الأصل خلافه، أو لا تلزم إلا إلى الأجل؟