وكان عاقلا فاضلا حسن السياسة كثير الإصابة شديد الهيبة بعيد الهمة ثاقب الرأي محبا للفضائل وأهلها باذلا في مواضع العطاء مانعا في أماكن الحزم ناظرا في عواقب الأمور.
قيل لما مات عضد الدولة بلغ خبره بعض العلماء وعنده جماعة من أعيان الفضلاء فتذاكروا الكلمات التي قالها الحكماء عند موت الإسكندر وقد ذكرتها في أخباره فقال بعضهم لو قلتم أنتم مثلها لكان ذلك يؤثر عنكم فقال أحدهم: لقد وزن هذا الشخص الدنيا بغير مثقالها وأعطاها فوق قيمتا وطلب الربح فيها فخسر روحه فيها.
وقال الثاني: من استيقظ للدنيا فهذا نومه ومن حلم فيها فهذا انتباهه.
وقال الثالث: ما رأيت عاقلا في عقله ولا غافلا في غفلته مثله، لقد كان ينقد جانبا وهو يظن انه مبرم ويغرم وهو يظن انه غانم.
وقال الرابع: من جد للدنيا هزلت به ومن هزل راغبا عنها جدت له.
وقال الخامس: ترك هذه الدنيا شاغرة ورحل عنها بلا زاد ولا راحلة.
وقال السادس: ان ماء أطفأ هذه النار لعظيم وان ريحا زعزعت هذا الركن لعصوف.
وقال السابع: انما سلبك من قدر عليك.
وقال الثامن: اما انه لو كان معتبرا في حياته لما صار عبرة في مماته.
وقال التاسع: الصاعد في درجات الدنيا إلى استفال والنازل في دركاتها إذا تعال.
وقال العاشر: كيف غفلت عن كيد هذا الأمر حتى نفذ فيك وهلا