إن هذا مكر من هلال لما رأى ضعفه والرأي أن لا تنفس خناقه. فلما سمع فخر الملك الجواب قويت نفسه وكان يتهم بدر في الميل إلى ابنه وتقدم إلى الجيش بالحرب فقاتلوا، فلم يكن بأسرع من أن أتي بهلال أسيرا. فقبل الأرض وطلب أن لا يسلمه إلى أبيه فأجابه إلى ذلك وطلب علامته بتسليم القلعة فأعطاهم العلامة فامتنعت أمه ومن بالقلعة من التسليم وطلبوا الأمان فأمنهم فخر الملك، وصعد القلعة ومعه أصحابه ثم نزل منها وسلمها إلى بدر، وأخذ ما فيها من الأموال وغيرها وكانت عظيمة قيل كان بها أربعون الف بدرة دراهم وأربعمائة بدرة ذهبا سوى الجواهر النفيسة والثياب والسلاح وغير ذلك. وأكثر الشعراء من ذكر هذا فممن قال مهيار:
(فظنوك تعبأ بحمل العراق * كأن لم يروك حملت الجبالا) (ولو لم تكن في العلو السماء * لما كان غنمك منها هلالا) (سريت إليه فكنت السرار * له ولبدر أبيه كمالا) وهي كثيرة.
ذكر عود المؤيد إلى إمارة الأندلس وما كان منه قد ذكرنا سبب خلعه وحبسه فلما كان هذه السنة أعيد إلى خلافته واسمه هشام بن الحاكم بن عبد الرحمن الناصر وكان عوده تاسع ذي الحجة، وكان الحكم في دولته هذه إلى واضح العامري وأدخل أهل قرطبة إليه فوعدهم ومناهم، وكتب إلى البربر الذين مع سليمان بن الحاكم بن سليمان بن عبد الرحمن