واستمد جلال الدولة فأمده بجملة صالحة من العسكر فسار إلى تكريت فحصرها وهي لأبي المسيب رافع بن الحسين وكان قد توجه إلى الموصل وسأل قرواشا النجدة فجمعا وحشدا وسارا منحدرين فيمن معهما فبلغا الدكة وغريب يحاصر تكريت وقد ضيق على من بها وأهلها يطلبون منه الأمان فلم يؤمنهم فحفظوا وقاتلوا أشد قتال.
فلما بلغه وصول قرواش ورافع سار إليهم فالتقوا بالدكة واقتتلوا فغدر بغريب بعض من معه ونهبوا سواده وسواد الأجناد الجلالية فانهزم وتبعهم قرواش ورافع ثم كفوا عنه وعن أصحابه ولم يتعرضوا إلى حلته وما له فيها وحفظوا ذلك أجمع ثم إنهم تراسلوا واصطلحوا وعادوا إلى ما كانوا عليه من الوفاق.
ذكر خروج الروم إلى الشام وانهزامه في هذه السنة خرج ملك الروم من القسطنطينية في ثلاثمائة ألف مقاتل إلى الشام فلم يزل [يسير] بعساكره حتى بلغوا قريب حلب، وصاحبها شبل الدولة نصر بن صالح بن مرادس فنزلوا على يوم منها فلحقها عطش شديد، وكان الزمان صيفا وكان أصحابه مختلفين عليه فمنهم من يحسده، ومنهم من يكرهه.
وممن كان معه ابن الدوقس وهو من أكابرهم وكان يريد هلاك الملك ليملك بعده، فقال الملك: الرأي أن نقيم حتى تجيء الأمطار وتكثر المياه.